للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفوتهم نبينا صلّى الله عليه وسلّم فمعراج ادم كان إلى الجنة، ومعراج إدريس إلى السماء السادسة، ومعراج إبراهيم إلى ملكوت السموات والأرض، ومعراج موسى إلى الطور، ومعراج عيسى إلى سماء الدنيا، ومعراج المصطفى صلّى الله عليه وسلّم إلى العرش، وقد اشتركت الستة في أصل المعراج، ولكن «ما كلّ بيضاء شحمة» «١» .

وفي الخبر عنه صلّى الله عليه وسلّم «أعطيت تفاحة ليلة المعراج فأكلتها فصارت ماء في ظهري، فلما رجعت واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فإذا هي: حورية إنسية سماوية أرضية» .

وفي وقوع الإسراء ليلا فوائد. منها: ليزداد الذين آمنوا إيمانا بالغيب، ويفتتن الذين كفروا زيادة على فتنتهم، ومنها أنه وقت الخلوة والاختصاص عرفا؛ فإن بين جليس الملك نهارا وجليسه ليلا فرقا واضحا، ولله درّ القائل:

الليل لى ولأحبابى أنادمهم ... قد اصطفيتهم كى يسمعوا ويعوا

وقول الاخر:

قلت: يا سيدى أتوثر الليل ... عن بهجة النهار المنير

قال: لا أستطيع تغيير رسمى ... هكذا الرسم في طلوع البدور

إنما زرت في الظلام لكيما ... يشرق الليل من أشعة نورى

ولأنه وقت الصلاة التى كانت مفروضة عليه، فى قوله تعالى: قُمِ اللَّيْلَ، وليكون أبلغ للمؤمن في الإيمان بالغيب- كما تقدم- وفتنة للكافر.

وقال بعض أهل الإشارات: لما محا الله اية الليل وجعل اية النهار مبصرة انكسر الليل، فجبر «٢» بأن أسرى فيه بمحمد صلّى الله عليه وسلّم.

قال ابن دحية: «أكرم نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم بأمور، منها: انشقاق القمر «٣» ، وإيمان


(١) مثل يضرب لعدم تطابق الأشياء وإن كانت من جنس واحد.
(٢) فجبر: أي أرضى.
(٣) رواه ابن جرير عن أنس، وقال إنه انشق مرتين. ورواه أيضا عن عبد الله بن مسعود وجبير، وعبد الله بن عباس.