للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليقظة نصّ جمع من الأئمة على إمكانها ووقوعها، وقيل المرثىّ مثاله لا حقيقة جسده الشريف.

ثم اعلم أن الرائين للنبى صلّى الله عليه وسلّم مختلفون في الدنوّ منه والبعد؛ فمنهم من يدنو منه حتّى لا يبقى بينه وبينه حجاب، ومنهم من يراه على بعد بعد رفع الحجاب رفعا غير تام، وهذا الدنوّ معنّوى لا حسّى، بحيث إن النبى صلّى الله عليه وسلّم ينتقل إلى الرائى بأن يجىء إليه راجلا أو راكبا أو نحو ذلك؛ إذ لا دليل عليه. انتهى.

وقد رفع سؤالّ للعلامة كمال الدين بن أبى شريف صورته: «رؤيا النبى صلّى الله عليه وسلّم فى النوم هل هى صحيحة؟ ولو كانت على أى خال من الأحوال، حتى لو رؤى على لون أسمر أو رؤى بلا لحية أو نحو ذلك؟ أم كيف الحال؟ وهل يشترط لصحة الرؤيا شىء أم لا؟ وما معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم «من رانى فقد رانى حقا فإن الشيطان لا يتمثل بى» «١» أو كما قال؟ وما حكم الله في ذلك؟.

فأجاب رحمه الله بأن قوله صلّى الله عليه وسلّم «من رانى في المنام فقد رانى حقا فإن الشيطان لا يتمثل بى» ورد في الصحيحين وغيرهما من رواية غير واحد «٢» من الصحابة، بألفاظ المعنى، ويتعلق البحث فيه بقوله صلّى الله عليه وسلّم «من رانى في المنام» هل هو قاض بمن راه صلّى الله عليه وسلّم بحليته وصفته؟ أو هو كمن راه على أى صفة راه؟

ويقول صلّى الله عليه وسلّم «فقد رانى» هل هو على ظاهره؟ بمعنى فقد رأى ذاتى حقيقة، أو هو مؤوّل؟ فذهب جمع منهم ابن سيرين إمام أهل التعبير إلى اختصاصه بمن راه صلّى الله عليه وسلّم على صفته. ثم من هؤلاء من ضيّق فقال على صفته التى توفى عليها، حتى راعى عدد الشعرات البيض في رأسه ولحيته صلّى الله عليه وسلّم. ومنهم من اكتفى بما تصدق عليه صفته صلّى الله عليه وسلّم في وقت من أوقاته، كحال شبابه، أو رجولته، أو كهولته، أو ما بعد ذلك؛ فهؤلاء يشترط عندهم في رؤياه صلّى الله عليه وسلّم أن يرى على


(١) وفي رواية للترمزى «من رانى فإني أنا هو؛ فإنه ليس للشيطان أن يتمثل بى» .
(٢) أى أكثر من واحد.