النَّاسَ كما ذهب إليه ابن عباس والمحققون وأرباب البصائر، إذ لو كانت منامية لما حصل افتتان كما سبق، إذ العاقل لا يستبعد الرؤيا المنامية، ولا ينازع، ولا يستعظم ذلك خصوصا مع إنسان لم يعهد عليه إلا الصدق من صغره إلى كبره صلّى الله عليه وسلّم.
* وأما رؤية المؤمنين للنبى صلّى الله عليه وسلّم في الدنيا، فقد ورد:«من رانى في المنام فقد رانى حقا؛ فإن الشيطان لا يتمثل بى» رواه الإمام أحمد، والبخارى، والترمذى عن أنس، وهو متواتر، وفي رواية:«من رانى فقد رأى الحق؛ فإن الشيطان لا يتزيابى» رواه الإمام أحمد، والبخارى، ومسلم عن أبى قتادة صلّى الله عليه وسلّم.
وفي رواية:«من رانى في المنام فسيرانى في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بى» رواه البخارى ومسلم، وأبو داود عن أبى هريرة.
أى أن رؤيته صلّى الله عليه وسلّم في المنام حق، ولو راه الرائى على غير صفته الحقيقية التى هو عليها، خلافا للحكيم الترمذى؛ لأن إدراكه على صفته الأصلية إدراك لذاته، وإدراكه على غير صفته الأصلية إدراك لمثاله. وعدم تمثّل الشيطان به لئلا يجعل ذلك وسيلة للكذب عليه في النوم، وقوله «فسيرانى في اليقظة» أى فى الآخرة رؤية خاصة بصفة القرب والشفاعة، وفيه بشرى بموته على الإيمان، وهذا عامّ في أهل الطاعة، محتمل في أهل العصيان، فقد تخرق لهم العادة إغراء.
وقولنا فيما تقدم «رؤية خاصة» أى وإلا فجميع أمته يرونه في الآخرة، أو هذا قبل موته صلّى الله عليه وسلّم، أى من راه في المنام فسيوفقه الله تعالى للهجرة إليه ويراه بعينى رأسه، أو فسيراه في الدنيا حقيقة كرامة له، كما وقع لكثير من الأولياء وسألوه فأرشدهم.
وردّ هذا بأنه يلزم بقاء الصحبة، وبأن جمعا ممن رأوه مناما لم يروه يقظة، وخبره لا يتخلّف، وأجيب بأن شرط الصحبة أن يراه في عالم الدنيا قبل موته، وبأن من لم يبلغ درجة الولاية يراه قرب موته عند الاحتضار، ورؤيته في