للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وافتخرت العرب بالأيام دون الليالى، فقالوا «يوم ذى قار» ويوم كذا.

والأسبوع أيامه مسمّاة دون الليل، وإنما تذكر بالإضافة إلى الأيام، فيقال: ليلة الأحد، وليلة كذا، وليس المضاف كالمضاف إليه. والأيام النبيهة أكثر من الليالى كيوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، والأيام المعلومات، والمعدودات، وليس في الليل إلا ليلة القدر، وليلة نصف شعبان. وقال صلّى الله عليه وسلّم:

«اللهم بارك لأمتى في بكورها» «١» ولم يقل ذلك في شىء من الليالى. هذا ما ذكره الحافظ السيوطى ببعض رسائله.

* وأما أفضلية ليلة الإسراء على ليلة القدر فقد قال أبو أمامة بن النقاش رحمه الله: «إن ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر في حق النبى صلّى الله عليه وسلّم، وليلة القدر أفضل في حق الأمة لأنها لهم خير من عمل أكثر من ثمانين سنة ممن كان قبلهم، وأما ليلة الإسراء فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث صحيح ولا ضعيف» ، والمأخوذ من كلام البلقينى رحمه الله أن ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر، ولعل الحكمة في ذلك كما قاله في «الاصطفاء» «٢» اشتمالها على رؤيته سبحانه التى هى أفضل من كل شىء، ولذا لم يجعلها ثوابا من عمل من الأعمال مطلقا، بل منّ بها على عباده المؤمنين يوم القيامة تفضلا منه تعالى، وهذا مما يؤيد القول بتفضيل الليل على النهار، وظواهر كلامهم أن الخلاف بين الليلة المعينة التى أسرى فيها بالنبى صلّى الله عليه وسلّم، وبين ليلة القدر التى أنزل فيها القران.

وأما الليلة المعينة التى أسرى به صلّى الله عليه وسلّم فيها وليلة القدر في كل عام فينبغى أن يكون فيها قول أبى أمامة بن النقاش السابق، وأما نظائر الليلة المعينة في كل عام فلا شك في أن ليلة القدر أفضل منها، كما لا يخفى، وبالجملة فما أحسن قول ابن الفارض:

وخير الليالى ليلة القدر إن دنت ... كما أنّ أيام اللقا يوم جمعة


(١) رواه الإمام أحمد والأربعة، وابن حيان عن صخر الغامدى.
(٢) اسم كتاب.