للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتعجب منه مع التنوين وعدمه) فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما يحملك على قولك بخ بخ؟ قال: لا، والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها؟ قال: فإنك من أهلها. قال: فأخرج تمرات من جعبته فجعل يأكل منهن، ثم قال: «لئن أنا حييت حتى اكل تمراتى هذه إنها لحياة طويلة» ، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتل حتى قتل.

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اخى بينه وبين عبيدة بن الحرث المطلبي، فقتلا يوم بذر جميعا.

وقال ابن إسحاق: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر: لا يقاتل أحد في هذا اليوم فيقتل صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر: إلا دخل الجنة؟ وكان عمير واقفا في الصف بيده تمرات يأكلهن، فسمع ذلك فقال: «بخ بخ، ما بينى وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلنى هؤلاء» وألقى التمرات من يده وأخذ السيف وقاتل القوم وهو يقول:

ركضا إلى الله بغير زاد ... إلا التّقى وعمل المعاد

والصبر في الله على الجهاد ... إنّ التّقى من أعظم السّداد

وخير ما قاد إلى الرشاد ... وكلّ حيّ فإلى نفاد

وبعد تعديل الصفوف كان أوّل من خرج من المسلمين «مهجع» - بكسر الميم وإسكان الهاء فجيم مفتوحة فعين مهملة- مولى عمر بن الخطاب، فقتله عامر بن الحضرمى بسهم أرسله إليه، فقيل: إنه أوّل من يدعى من شهداء هذه الأمة، وإنه صلّى الله عليه وسلّم قال يومئذ: «مهجع سيد الشهداء «١» » .

وقاتل في ذلك اليوم المؤمنون، ثم أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حفنة من الحصباء ناولها له عليّ رضى الله عنه، فاستقبل بها قريشا، ثم قال: «شاهت وجوه القوم» أى قبحت وذلّت- ثم نفخهم بها فلم يبق من المشركين رجل إلا ملئت عينه


(١) مهجع العكى- مولى عمر بن الخطاب- أصله من عكّ، فأصابه سباء، فمنّ عليه عمر فأعتقه. كان من السابقين إلى الإسلام. شهد بدرا واستشهد بها. وكان ممن نزل فيهم قوله تعالى: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ.