للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه تحية العرب في الجاهلية- فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير؛ أكرمنا بالسلام تحية أهل الجنة، ما جاء بك عمير؟ قال: جئت لهذا الأسير الذى عندكم، قال: فما للسيف في عنقك؟ قال: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت شيئا، قال: أصدقنى يا عمير، ما الذى جئت له؟ قال: ما جئت إلا لذلك، قال: يا عمير قعدت أنت وصفوان بن أمية تجاه الكعبة فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين عليّ وعيال لى لخرجت حتّى أقتل محمدا، فتحمّل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلنى له، والله تعالى حائل بينك وبين ذلك. قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذّبك بما يأتى من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يعلمه أحد ولم يحضره إلا أنا وصفوان، وو الله إنى لأعلم أنه ما أتاك إلا من الله تعالى، فالحمد لله الذى هدانى للإسلام، وساقنى هذا المساق. ثم شهد شهادة الحق- رضى الله تعالى عنه- فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فقّهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القران وأطلقوا له أسيره، ففعلوا ذلك، ثم قال: يا رسول الله إنى كنت جاهدا في إطفاء نور الله شديد الأذى لمن كان على دين الله، وأنا أحب أن تأذن لى فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله تعالى- إلى الإسلام- لعل الله يهداهم؟ فأذن له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فلحق «١» بمكة وأظهر الإسلام، وأسلم ولده أيضا- رضى الله تعالى عنهما.

قال ابن إسحاق: وأسلم بعد فك الأسر جماعة منهم: أبو وداعة السهمي، وعبد الله بن خلف الجمحي، ووهب بن عمير الجمحي، وقيس بن السائب المخزومي، وأسلم السائب بن عبيد، وهو الأب الخامس للإمام الشافعى- رضى الله عنه- وكان صاحب راية بنى هاشم يوم بدر من كفار قريش، وكان صاحب الراية أبو سفيان، لكن لغيبته في العير حملها السائب لشرفه، وأما الأب الرابع، فهو شافع بن السائب الذى ينسب إليه الإمام الشافعى رضى الله عنه، لقى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو مترعرع فأسلم.

فإن الإمام الشافعى- رضى الله عنه- هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد


(١) فى الأصل فألحق، وهو خطأ.