للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مناف جد النبى صلّى الله عليه وسلّم، فيجتمع الإمام الشافعى- رضى الله تعالى عنه- مع النبى صلّى الله عليه وسلّم في جد الإمام الشافعى التاسع الذى هو جد النبى صلّى الله عليه وسلّم الثالث، وهو عبد مناف.

ولما قدم عليه الصلاة والسلام المدينة وكانت وقعة بدر، وأسر فيها من أسر من أهل مكة، قال عليه الصلاة والسلام لأهل بدر: «إن بكم عيلة «١» ، فلا يفلت منهم- يعنى الأسارى- أحد إلا بفداء أو ضربة عنق» ، وقال: «استوصوا بهم خيرا» . وكان فداؤهم أربعين أوقية عن كل إنسان، إلا العباس عم النبى صلّى الله عليه وسلّم؛ فإن فداءه كان مائة أوقية، فكان من لا مال له من الأسارى يقبل منه أن يعلّم عشرة من غلمان أهل المدينة الكتابة، فإذا حذقوه كان فداءه، فيومئذ تعلّم زيد بن ثابت الكتابة في جماعة من الأنصار. ومن هنا تعلم أن النبى صلّى الله عليه وسلّم كان حريصا على تعليم «٢» الكتابة التى هى التمدن الأوّلى للنوع البشري، وسيأتى بيان الوظائف والتعليمات التى كانت جارية في عهده صلّى الله عليه وسلّم.

وقد منّ النبى صلّى الله عليه وسلّم على نفر من أسراء بدر، وخلّى سبيلهم من غير شيء، ولما طلب صلّى الله عليه وسلّم من العباس أن يفدى نفسه، قال: علام يؤخذ منى الفداء، وقد كنت أسلمت أنا وأم الفضل وبقية ال بيتي، ولكن القوم أكرهونى على الخروج؟ فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: كان ظاهر أمرك أنك كنت علينا، ولكنّ الله تعالى يجزيك عما أخذ منك. وأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٠) «٣»


(١) أى فقر.
(٢) أى حريصا على أن يتعلم المسلمون الكتابة والقراءة. وفي الأصل الذى راجعنا عليه «تعلم» وهو خطأ واضح، وذلك أن النبى صلّى الله عليه وسلّم لو كان حريصا على تعلم القراءة لأعطى العدو سلاحا للطعن فى الرسالة، نسأل الله العصمة من الزلل، وهو خطأ طباعى لا محالة.
(٣) قال ابن كثير: قال محمد بن إسحاق: حدثنى العباس بن مغافل عن بعض أهله عن عبد الله بن عباس- رضى الله عنهما- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوم بدر: «إنى قد عرفت أن أناسا من بنى هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقى منكم أحدا منهم فلا يقتله، ومن لقى أبا الخترى بن هشام فلا يقتله، ومن لقى العباس بن عبد المطلب فلا يقتله، فإنما أخرج مستكرها» . فقال أبو حذيفة بن عتبة: أنقتل اباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشائرنا ونترك العباس؟! والله لئن لقيته لألجمنّه بالسيف. -