للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضهم: أدرك الإسلام من العرب عشرة أنفار طوال جدّا، منهم عبادة ابن الصامت.

ومن جملة الأسارى أيضا نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، تأخر إسلامه إلى غام الخندق، وقيل: بل أسلم حين أسر، وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: افد نفسك بأرماحك التى بجدّة، قال: والله ما علم أحد أن لى بجدة أرماحا غير الله، أشهد أنك رسول الله. ثم شهد معه حنينا، وأعانه عند الخروج إليها بثلاثة الاف رمح، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كأنى أنظر إلى أرماحك هذه تقصف ظهور المشركين.

توفى نوفل بالمدينة سنة خمس عشرة، وصلّى عليه عمر بن الخطاب- رضى الله تعالى عنهما.

وقيل: إن العباس أسلم قبل وقعة بدر، وكان يخفى إسلامه لمّا طلب منه صلّى الله عليه وسلّم أن يفدى نفسه، قال: علام يؤخذ منى الفداء وقد كنت أسلمت أنا وأم الفضل وبقية ال بيتي، ولكن القوم أكرهونى على الخروج «١» ؟!، وقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: كان ظاهر أمرك أنك كنت علينا، ولكنّ الله تعالى يجزيك على ما أخذ منك، وأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً، [الأنفال: الاية ٧٠] ولما نزلت قال العباس: يا رسول الله لوددت أنك كنت أخذت منى أضعافا، والمأخوذ منه مائة أوقية من الذهب، كما سبق انفا.

وقد منّ النبى صلّى الله عليه وسلّم على نفر من أسراء بدر، وخلّى سبيلهم من غير شئ، وفدى نفرا كالعباس- رضى الله تعالى عنه-. ولما فدى العباس نفسه رجع إلى مكة وأظهر إسلامه، وجمع أمواله وهاجر إلى المدينة، ولازمه صلّى الله عليه وسلّم في غزواته، وكان النبى صلّى الله عليه وسلّم يعظمه، وكانت الصحابة تعظمه وتقدمه وتشاوره وتأخذ برأيه، ولما قيل له: أيّما أكبر أنت أو النبى صلّى الله عليه وسلّم) ؟ قال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله «٢» .

قال ابن إسحاق: ولما بلغ النجاشىّ نصرة النبى صلّى الله عليه وسلّم ببدر فرح فرحا شديدا، قال جعفر بن أبى طالب- رضى الله عنه- وكان جعفر إذ ذاك بأرض الحبشة:

فأرسل إليّ النجاشى وإلى أصحابى ذات يوم، فدخلنا عنده فوجدناه جالسا على


(١) أى أنه لم يأت محاربا، وإنما جاء مكرها.
(٢) فى هذا اللفظ من الاداب ما فيه.