للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التراب لابسا أثوابا خلقة، فقال: إنّى أبشّركم بما يسرّكم، إنه قد جاءنا من نحو أرضكم عين لي، فأخبرنى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع أعدائه بمحلّ يقال له بدر، فكانت النصرة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له جعفر: ما لك جالس على التراب وعليك هذه الثياب؟ قال: «إنا نجد فيما أنزل الله تعالى على عيسى عليه السلام أن حقا على عباد الله تعالى أن يحدثوا له تواضعا إذا أحدث لهم نعمة» قال: ولما أوقع الله تعالى بالمشركين يوم بدر، واستأصل رؤساءهم قالوا: إنّ ثأرنا بأرض الحبشة، فلنرسل إلى ملكها ليدفع إلينا من عنده من أتباع محمد فنقتلهم بمن قتل منا.

فأرسلوا عمرو بن العاص، وعبد الله ابن ربيعة- رضى الله تعالى عنهما، (فإنهما أسلما بعد ذلك) ، ومعهما طائفة من كفار قريش إلى النجاشى ليدفع إليهما من عنده من المسلمين، وأرسلوا معهما هدايا وتحفا للنجاشي، فلما وصلا إليه ردّهما خائبين، ولما بلغ صلّى الله عليه وسلّم ذلك بعث إلى النجاشى عمرو بن أمية الضمرى رضى الله تعالى عنه- بكتاب يوصيه فيه على المسلمين الذين عنده بالحبشة.

وقد سبق التنويه إلى ذلك (فى الفصل الثانى من الباب الثانى في الهجرتين إلى الحبشة) .

وسيأتى الكلام على ذلك في قدوم جعفر من الحبشة في غزوة خيبر.

ويقال: إن عمرو بن العاص أسلم حينئذ على يد النجاشي، ولهذا يلغز، ويقال:

من هو الصحابى الذى أسلم على يد تابعي؟ ومنشأ هذا ما قاله بعض أهل السير حكاية عن عمرو بن العاص عن نفسه من أنه قال: لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق، جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون والله إنى أرى أمر محمد يعلو الأمور علوّا منكرا، وإنى قد رأيت أمرا، فما ترون فيه؟ قالوا: وماذا رأيت؟ قال: رأيت أن نلحق بالنجاشى فنكون عنده، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يد محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا، فلن يأتينا منهم إلا خير، قالوا: إن هذا الرأي، قلت: فاجمعوا ما نهدى له، وكان أحب