ومنعوه من أخذ صدقتهم، فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم، حتى همّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأن يغفروهم، فبينماهم علي ذلك إذ قدم وفدهم علي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا:
يا رسول الله، سمعنا برسولك حين بعثه إلينا، فخرجنا إليه لنكرمه ونؤدّي إليه ما قبلنا من الصدقة، فانشمر راجعا، فبلغنا أنه زعم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّا خرجنا إليه لنقتله، والله ما جئنا لذلك، فأنزل الله فيه وفيهم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ [الحجرات: ٦] إلي اخر الاية. وكان شعار المسلمين: يا منصور أمت.
* وفي هذه السنة كسفت الشمس.
وأما ما قيل من أنّ اية التيمم نزلت في غزاة بني المصطلق، فقد قال النووى في الروضة: ان اية التيمم نزلت في سنة أربع.
* وفي هذه السنة كانت غزوة الحديبية:
وتخفف وتشدّد، وهى بئر قريب من مكة، بينها وبين المدينة تسع مراحل، سمي المكان باسمها، وقيل شجرة، وقيل قرية بقرب مكة علي سبعة أميال من مكة.
وسبب هذه الغزوة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام، وأخذ مفتاح الكعبة بيده وطافوا واعتمروا وحلق بعضهم، وقصّر بعضهم، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم داخلو مكة عامهم ذلك، فأخبر أصحابه أنه معتمر، فخرج من المدينة في ذى القعدة سنة ست لا يريد حربا بالمهاجرين والأنصار في ألف وأربعمائة، ليأمن أهل مكة ومن حولهم من حربه، وساق الهدي وأحرم بالعمرة من ذى الحليفة ولبّي، فاقتدى به جمهور أصحابه، واستعمل صلّى الله عليه وسلّم علي المدينة الشريفة ابن أم مكتوم، وقيل أبا رهم كلثوم بن الحصين، وقيل استخلف أبا رهم مع ابن أم مكتوم جميعا، فكان ابن أم مكتوم علي الصلاة، وكان أبو رهم حافظا للمدينة. وسار حتي وصل إلى ثنية المرار «١» مهبط الحديبية من أسفل مكة، وأمر