للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويذكر أن عليّا كرّم الله وجهه هو الذى أسرها، ولا مانع من أن يكون عليّ رضى الله عنه أسرها، ثم وقعت في سهم ثابت بن قيس وابن عمه رضى الله عنهما عند القسمة؛ لأنه لم يثبت في هذه الغزوة أنه صلّى الله عليه وسلّم جعل الأسرى لمن أسرهم، كما وقع في غزوة بدر.

وعن عائشة رضى الله عنها قالت: كانت «جويرية» امرأة على وجهها ملاحة، فجاءت تسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في كتابتها، فلما قامت على باب الخباء كرهت دخولها علي النبى صلّى الله عليه وسلّم (وإنما كرهت ذلك لما جبلت عليه النساء من الغيرة) وعرفت أن رسول الله سيرى منها مثل الذى رأيت، فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث «١» ، وكان من أمرى ما لا يخفي عليك، ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، وإني كاتبته علي نفسي، فجئت أسألك في كتابتي، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فهل لك فيما هو خير من ذلك؟ فقالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أؤدى عنك كتابتك وأتزوجك؟ قالت: قد فعلت ... قالت: فتسامع الناس (يعنى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تزوّج جويرية) فأرسلوا ما في أيديهم من السبي، فأعتقوهم، وقالوا: أصهار رسول الله لا ينبغي أن تسترق، قالت: فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة علي قومها منها، وأعتق بسببها مائة أهل بيت من بيت بني المصطلق «٢» - خرّجه بهذا السياق أبو داود.

وعن جويرية رضى الله عنها قالت: لما أعتقنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتزوجني، والله ما كلمته في قومى حتّى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم، وما شعرت إلا بجارية من بنات عمى تخبرني الخبر، فحمدت الله سبحانه وتعالى.

وقد حدّث يزيد بن رومان أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث إلى بنى المصطلق بعد إسلامهم الوليد بن عقبة بن أبى معيط لأخذ صدقاتهم، فلما سمعوا به ركبوا إليه، فلما سمع بهم «٣» هابهم، فرجع إلي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره أن القوم قد همّوا بقتله


(١) ولذلك نقول: إن هذه الرواية غير صحيحة، لأن الذى سماها «جويرية» هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد تقدم أن اسمها قبل «برة» .
(٢) ولذلك نقول: إن أسرها كان خيرا وبركة علي قومها: تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأعتق بسببها مائة أهل بيت، وأسلم جميع قومها. والحمد (رب العالمين..
(٣) أى لما سمع الوليد بن عقبة بركوبهم إليه.