للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لزيد بن أرقم: لعلك غضبت عليه؟ قال: لا، قال:

فلعله أخطأ سمعك؟ قال: لا، قال: فلعله شبّه عليك؟ قال: لا، فنزلت اية لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ [المنافقون: ٨] لتصديق زيد بن أرقم، فبادر أبو بكر وعمر إلى زيد رضى الله تعالى عنهم ليبشّراه، فسبق أبو بكر فأقسم عمر ألايبادره بعدها إلي شىء، وقال أسيد: أنت والله تخرجه إن شئت، أنت العزيز وهو الذليل، وبلغ ابن عبد الله بن أبيّ بن سلول- وكان حسن الإسلام، واسمه أيضا عبد الله، وكان تبرّأ من أبيه عند نزول سورة المنافقين- مقالة أبيه، فاعترض أباه عند المدينة، وقال: والله لا تدخل حتّى يأذن لك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأذن له، وحينئذ دخل، وقال: يا رسول الله، بلغنى أنك تريد قتل أبى عبد الله لما بلغك عنه، فإن كنت فاعلا فمرنى به، فأنا أحمل إليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبرّ بوالديه مني، وإنى أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعنى نفسى أن أنظر إلي قاتل أبى عبد الله بن أبيّ يمشى في الناس فأقتله، فأقتل مؤمنا بكافر وأدخل النار، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نرفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا» .

* وكانت في جملة السبى برّة بنت الحارث بن ضرار: سيد بني المصطلق، وقعت في سهم ثابت بن قيس، وابن عم له، فجعل ثابت لابن عمه نخلات له بالمدينة في حصّته من برة، وكاتبها علي تسع أواق من ذهب، فدخلت عليه صلّى الله عليه وسلّم وأخبرته بإسلامها، وقالت له: إنى برة بنت الحارث سيد قومه، أصابنا من الأمر ما قد علمت، ووقعت في سهم ثابت بن قيس، وابن عم له، وخلّصنى ثابت من ابن عمه بنخلات في المدينة، وكاتبنى على مال لا طاقة لى به، وإنى رجوتك فأعنّى في مكاتبتي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أو خير لك من ذلك؟ قالت:

ما هو؟ قال: أؤدى عنك كتابتك، وأتزوجك؟ قالت: نعم يا رسول الله. فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى ثابت بن قيس رضى الله عنه فطلبها منه، فقال ثابت: هي لك يا رسول الله، وأدّى ما كان كاتبها عليه وأعتقها، وتزوجها وهي ابنة عشرين سنة، وسماها «جويرية» ، وكان اسمها «برة» كما سبق، وكذلك ميمونة، وزينب بنت جحش، كان اسم منهما «برة» فغيّره صلّى الله عليه وسلّم، وكذا كان اسم بنت أم سلمة «برة» فسماها «زينب» وكانت من أفقه نساء زمانها، كذا ذكره أبو عمر.

وسبب ذلك لما في «برة» من تزكية النفس.