للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال علي: لا والله لا أمحوك أبدا، فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: فأرنيه، فأراه إياه، فأخذ الكتاب بيده الكريمة ومحا «رسول الله» وكتب مكانه «محمد بن عبد الله» ، وكانت هذه معجزة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيث كتب بيده الشريفة ولم يكن يكتب.

وأقبل بوجهه صلّى الله عليه وسلّم علي عليّ بعد ما كتب في كتاب الصلح محمد بن عبد الله، فقال: «يا على سيكون لك يوم مثل هذه الواقعة» . ثم قال رسول الله بصلّى الله عليه وسلّم لعليّ:

اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكفّ بعضهم عن بعض، وعلي أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليه، وإن كان مسلما، وإن جاء قريش ممن مع محمد لم يردّوه عليه، وأنّ من أحب أن يدخل في عقد قريش وعهداهم دخل فيه، وأنك ترجع عنّا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل، خرجنا عنها فدخلتها أنت وأصحابك فأقمت فيها ثلاثا مع سلاح الراكب السيوف في القرب، لا تدخلها بغيرها» . وأشهدوا في ذلك الكتاب علي الصلح رجالا من المسلمين: أبا بكر، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبى طالب وهو كاتب الصحيفة- وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وأبا عبيدة بن الجراح، ومحمد بن مسلمة، وعبد الله بن سهيل بن عمرو، ورجالا من قريش: حويطب بن عبد العزّي، ومكرز بن حفص.

ولما بلغ هذا الشرط أنّ من أتى محمدا من قريش ردّه إليهم وإن كان مسلما، ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه، تعجب المسلمون من هذا الشرط، فقالوا: سبحان الله، كيف نردّ من أتانا مسلما!! وقالوا: يا رسول الله، أتكتب هذا، قال: «نعم؟! إنه من ذهب إليهم فأبعده الله، ومن جاء منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا» .

ونسخ الكتاب نسختين، فوضعت إحداهما عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأخذ الاخرى سهيل بن عمرو، ولما فرغ من كتاب القضية وثب من كان هناك من خزاعة، فقالوا: نحن ندخل في عهد محمد وعقده، وقال بنو بكر: نحن ندخل في عقد قريش وعهداهم.

وقد كان للنبى صلّى الله عليه وسلّم علم أنّ هذا الصلح سبب لأمن الناس وظهور الإسلام، وأن الله يجعل فيه فرجا للمسلمين، وهو أعلم بما علّمه ربه، وإن كان أمر هذا الصلح