للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة حتي قدما على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسألانه أن يردّها عليهما بالعهد الذي بينه وبين قريش بالحديبية، فلم يفعل، وقال: أبى الله ذلك، وأنزل الله فيه علي رسوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ [الممتحنة: ١٠] الاية، وكان الامتحان أن تستحلف المرأة المهاجرة أنها ما هاجرت ناشزا ولا هاجرت إلا لله ورسوله، فكان في الاية بيان أن ذلك الرد في الرجال لا في النساء؛ لأن المسلمة لا تحل للكافر، فلما تعذّر ردّهن لورود النهى عنه، لزم ردّ مهورهن، فأمر النبى صلّى الله عليه وسلّم ألاترجع المؤمنات إلي الكفار لشرف الإسلام، وألاتكون كافرة في نكاح مسلم لقوله تعالى: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ «١» فمنع الله من ردّ النساء، وفسخ ذلك الشرط المكتتب، وحرّم الله حينئذ علي المسلمين إمساك الكوافر في عصمتهم، فطلّق الأصحاب كلّ امرأة مشركة في نكاحهم، وطلّق عمر بن الخطاب يومئذ امرأتين له مشركتين بمكة، وعن ابن عباس: يعنى من كانت له امرأة بمكة فلا يعدّها من نسائه؛ لأن اختلاف الدارين قطع عصمتها منه.

وفي غزوة الحديبية صار صلح مصر للروم حيث غلبت الروم فارسا، وأخرجوهم من الشام «٢» .

* وفي هذه السنة ماتت أم رومان بنت عامر بن عويمر، أم عائشة رضي الله عنهما، كانت أسلمت قديما، وكانت أولا تحت عبد الله بن سخبرة، فولدت له الطفيل، وهو أخو عائشة لأمها، ثم مات عنها فتزوجها أبو بكر، فولدت له عبد الرحمن وعائشة.

* وفي السنة السادسة فرض الحج- علي ما عليه الجمهور- وقيل كان قبل الهجرة، حكاه إمام الحرمين في النهاية، وقيل غير ذلك.


(١) سورة الممتحنة: الاية ١٠.
(٢) وفيه تصديق لأبي بكر رضى الله عنه، فإنه حدث نقاش بين أبى بكر وجماعة من قريش إذ كان المؤمنون يحبون أن ينتصر الروم، وكان المشركون يحبون أن ينتصر الفرس، وقال لهم أبو بكر ما معناه: إن الروم سينتصرون في بضع سنين. انظر تفسير ابن كثير بتوسع.