الأصنام ويقول- جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا- كما سيأتى، وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا رأى الهلال قال: «امنت بالذى خلقك فسواك فعدلك» ومما يدل على ذلك ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت: «كنت عند أبى فى وصيته، وهى: بسم الله الرحمن الرحيم ... هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبى قحافة، عند خروجه من الدنيا، حين يؤمن الكافر ويتّقى الفاجر، ويصدق الكاذب، إنى استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، فإن يعدل فذلك ظنى فيه، ورجائى فيه، وإن يجر ويبدّل فلا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أىّ منقلب ينقلبون» .
وروى أن عثمان بن عفان يوم الدار أشرف من داره على الناس، وقد أحاطوا به فقال: وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ [هود: ٨٩] ، يا قوم لا تقتلونى، كنتم هكذا، (وشبك بين أصابعه) » . فكلّ هذا كغزوة خيبر، وحديث فتح مكة يدل على جواز الاقتباس. انتهى.
وفرّق صلّى الله عليه وسلّم الرايات- ولم تكن الرايات إلا بخيبر، وإنما كانت الألوية- وكانت رايته يومئذ سوداء تسمى العقاب، لكون لون العقاب أسود، ثم حاصرهم وضيّق عليهم وأخذ الأموال، وفتح الحصون حصنا حصنا حتّى انتهى إلى حصنهم «الوطيح» والسلالم، وكان اخر الحصون افتتاحا، وكان حصارهم بضع عشرة ليلة، وأخذ سبايا منهم صفية بنت كبيرهم حيىّ بن أخطب، اصطفاها صلّى الله عليه وسلّم لنفسه وتزوجها وجعل عتقها صداقها، وبهذا أخذ الإمام أحمد رضى الله عنه حكم مذهبه، وهو من مفردات مذهبه وقال غيره: إن هذا من خواصه صلّى الله عليه وسلّم، وكانت صفية رأت في المنام وهى عروس- بكنانة بن أبى الربيع بن أبى الحقيق- أن قمرا وقع في حجرها، فذكرته لزوجها فقال: ما هذا إلا أنك تتمنين ملك الحجاز محمدا، ولطمها. وعرّس صلّى الله عليه وسلّم بها في الطريق في قبة، فبات أبو أيوب الأنصارى متوشحا بالسيف يحرسه، فلما أصبح راه النبى صلّى الله عليه وسلّم فقال: