للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لك؟ قال: خفت عليك من امرأة قتلت أباها وزوجها وقومها، وهى حديثة عهد.

وكانت الراية مع أبى بكر رضى الله تعالى عنه، فكان يقاتل قتالا شديدا، ثم أخذها عمر فقاتل قتالا شديدا، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أما والله لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرّارا غير فرّار، يأخذها عنوة» «١» فتطاول المهاجرون والأنصار إليها، يرجو كل واحد أن يكون هو صاحب ذلك، وكان علي بن أبى طالب رضى الله عنه قد تخلف بالمدينة لرمد لحقه، فلما أصبحوا جاء عليّ فتفل النبىّ صلّى الله عليه وسلّم في عينيه «٢» فما اشتكى رمدا بعدها، ثم أعطاه الراية وعليه حلّة حمراء فنهض بها وأتى خيبرا، فأشرف عليه رجل من يهودها، وقال: من أنت؟ قال: علي بن أبى طالب، فقال اليهودى: غلبتم يا معشر اليهود. فخرج «مرحب» صاحب الحصن من الحصن، ولم يكن في أهل خيبر أشجع من مرحب، وعليه يمانى، وعلى رأسه بيضة «٣» ، وله رمح سنانه ثلاثة أسنان، ونادى: من يبارز؟ وهو يرتجز ويقول:

قد علمت خيبر أنّى مرحب ... شاكى السلاح بطل مجرّب

أطعن أحيانا، وحينا أضرب ... إذا الحروب أقبلت تلهّب

إنّ حماى للحمى لا يقرب

فخرج على كرم الله وجهه، وهو يقول:

أنا الذى سمّتنى أمى حيدره ... أكيلكم بالسيف كيل السندزه

ليث بغابات شديد القسورة

[والسندرة: مكيال معلوم، ومعلوم أن حيدرة اسم من أسماء الأسد، وهو أشجعها أشار بذلك إلى أن أمه فاطمة لما ولدته سمّته باسم أبيها، وكان أبو


(١) حديث ثابت صحيح، انظر في «الرياض النضرة في مناقب العشرة» ص ١٩٧ و ١٩٨ ج ٣.
(٢) حديث ثابت صحيح، انظر في «الرياض النضرة في مناقب العشرة» ص ١٩٧ و ١٩٨ ج ٣.
(٣) البيضة: الخوذة تتخذ من حديد وقاء للرأس.