للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنه لما اختير حكما حين اختصمت القبائل في رفع الحجر إلى موضعه، كان هو الاخذ بالثوب وواضعه بالركن، والامر للإصلاح بأخذ كل قبيلة طرفا من الثوب ورفعه إلى ما يحاذى موضعه، والمتناول للحجر من الثوب، والواضع له بيده الشريفة في محله، فحقّ على من يرفع بنيانها أن يرفع شأنها.

ثم أمر صلّى الله عليه وسلّم أن يدخل الزبير ببعض الناس من كداء»

، وسعد بن عبادة سيد الخزرج ببعض الناس من ثنية كدّى «٢» وأمر عليّا أن يأخذ الراية منه فيدخل بها لما بلغه من قول سعد: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء في بعض الناس، وكل هؤلاء الجنود لم يقاتلوا؛ لأن النبى نهى عن القتل، إلا أن خالد بن الوليد لقيه جماعة من قريش فرموه بالنبل ومنعوه من الدخول فقاتلهم خالد وقتل من المشركين ثمانية وعشرين رجلا، فلما علم النبى صلّى الله عليه وسلّم بذلك قال: ألم أنهكم عن القتال؟ فقالوا له:

إن خالدا قوتل فقاتل. وقتل من المسلمين رجلان، ودخل النبى صلّى الله عليه وسلّم مكة من كداء وهو على ناقته يقرأ سورة الفتح ويرجّع «٣» .

وكان دخوله صلّى الله عليه وسلّم مكة يوم الاثنين، ووضع الحجر يوم الاثنين، وخرج من مكة مهاجرا يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، ونزلت عليه سورة المائدة يوم الاثنين.

وعن عائشة رضى الله عنها: كان لواؤه يوم فتح مكة أبيض، ورايته سوداء تسمّى العقاب، وهى التى كانت بخيبر.

وعنها رضى الله تعالى عنها أنها قالت: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الفتح من كداء [بفتح الكاف والمدّ والتنوين: جبل بأعلى مكة] وهذا هو المعروف، خلافا لمن قال: إنه دخل من أسفل مكّة، وهى ثنية كدّى [بضم الكاف والقصر والتنوين] وعند الخروج خرج صلّى الله عليه وسلّم من هذه، وبهذا استدل على أنه يستحب


(١) اسم مكان بأسفل مكة خرج منه النبى من مكة، وهى بضم الكاف.
(٢) اسم مكان ثنية بأعلى مكة، عند المحصب، وهو بفتح الكاف.
(٣) الترجيع: الترديد في القراء وإعادة الايات. أغلب العلماء على أن رجيعه إنما كان من أثر اهتزاز الناقة، ولكن الصحابة رضى الله عنهم كانوا يأخذون عنه كل شىء دون النظر إلى الأسباب. والله أعلم.