للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالتها، والبينّة على المدعى واليمين على من أنكر، ولا تسافر امرأة مسيرة ثلاثة ليال إلا مع ذى محرم، ولا صلاة بعد العصر وبعد الصبح، (أى من النوافل) ، ولا يصام يوم الأضحى ولا يوم الفطر.

ثم قال: يا معشر قريش إنّ الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعاظمها بالاباء، الناس من ادم، وادم من تراب ثم تلا هذه الاية: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا الاية، ثم قال: يا معشر قريش، فاجتمع به المشركون في المسجد الحرام ايسين من أرزاقهم، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى دخل المسجد الحرام، وأحاط جيشه بالمسجد، ودخل معه خواصه، وفتح له باب الكعبة حتّى دخل وصلّى بها، وأقام الخواص حول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأيديهم على مقابض سيوفهم، وهم ينتظرون أمره بوضع السيف في أعدائهم، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقام على عتبة الباب، وأقبلت قريش وهم منكسو رؤسهم خوفا وحزنا، فقال: «يا أهل مكة بئس العشير كنتم لنبيكم، كذّبتمونى وصدّقنى الناس، وأخرجتمونى واوانى الناس، وقاتلتمونى ونصرنى الناس، والان قد أظهرنى الله عليكم كما ترون، فما ترونى فاعلا بكم؟ فقام سهيل بن عمرو- وهو كان من رؤساء قريش- وقال: يا محمد أنت أخ كريم وابن أخ كريم، وقد قدرت؛ إن عذّبتنا فبجرم عظيم، وإن عفوت عنا فبحلم قديم.

فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في وجوههم، وقال: «بل أقول مثل ما قال أخي يوسف عليه السلام: «لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم» اذهبوا فأنتم الطلقاء» «١» فأعتقهم صلّى الله عليه وسلّم جميعا ولم يسب ذراريهم، وكان الله قد أمكنه منهم، فكانوا له فيئا، فبذلك سمى أهل مكة الطلقاء، أى الذين أطلقوا فلم يسترقوا، ولم يؤسروا، والطليق هو الأسير إذا أطلق.

وروى أن عائشة رضى الله عنها نذرت إن فتح الله مكة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تصلّى في البيت ركعتين، فلما فتحت مكة وحجّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجة الوداع سألت النبى صلّى الله عليه وسلّم أن يفتح لها باب الكعبة ليلا لتوفى


(١) لما كان فتح مكة ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكة أرسل إلى صفوان بن أمية، وإلى أبى سفيان بن حرب، وإلى الحارث بن هشام، قال عمر بن الخطاب: فقلت: «قد أمكن الله منهم لأعرفهم بما صنعوا» حتى قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثلى ومثلكم كما قال يوسف لإخوته: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ، الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ قال عمر: فانفضحت حياء من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كراهية أن يكون بدر منى، وقد قال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال» . (والحديث أخرجه ابن عساكر) .