للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذكر أنهم قالوا: «اللهم نعم» ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم اشهد» «١» .

* وفي حجة الوداع نزلت عليه في يوم الجمعة بعد العصر في يوم عرفة وهو صلّى الله عليه وسلّم واقف بعرفات على ناقته العضباء: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (يعنى الفرائض والسنن والحدود والأحكام) وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة: ٣] فلم ينزل بعد هذه الاية شيء: لا حلال ولا حرام، ولا شئ من الفرائض والسنن والحدود والأحكام.

وقيل: إكمال الدين بهذه الاية: أنه لا يزول، ولا ينسخ، وأن شريعتهم باقية إلى يوم القيامة، ومعنى إتمام النعمة: يعنى إكمال الدين والشريعة؛ لأنه لا نعمة أتم من نعمة الإسلام. وعن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب، قال: يا أمير المؤمنين، اية في كتاب الله تقرؤنها لو نزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: فأى اية؟ قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فقال عمر: «إنى لأعلم اليوم الذى نزلت فيه، والمكان الذى نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه؛ نزلت بعرفات يوم الجمعة» «٢» أشار عمر إلى أن ذلك اليوم كان عيدا لنا. وعن ابن عباس: أنه قرأ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً وعنده يهودي، فقال: لو نزلت هذه الاية علينا لاتخذنا يومها عيدا، فقال ابن عباس: كان في ذلك اليوم خمسة أعياد: يوم جمعة، ويوم عرفة، وعيد لليهود، وعيد للنصاري، وعيد المجوس، ولم تجمع أعياد لأهل الملل في يوم واحد قبله ولا بعده.

وروى أنه لما نزلت هذه الاية بكى عمر، فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: ما يبكيك يا عمر؟

فقال: أبكانى أنّا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذا أكمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص، قال: «صدقت» «٣» ، فكانت هذه الاية نعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعاش بعدها أحدا وثمانين يوما «٤» .


(١) أى اشهد أنى بلّغت الرسالة.
(٢) رواه البخاري، ومسلم والترمذي، والنسائي، والإمام أحمد، وابن مردويه.
(٣) رواهما ابن جرير الطبري.
(٤) رواهما ابن جرير الطبري.