للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامين، وكذا باقى شهور السنة، فوافقت حجة أبى بكر في السنة التاسعة في ذى القعدة، قبل حجة الوداع بسنة، ثم حجّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في العام المقبل حجة الوداع، فوافق حجّه شهر ذى الحجة، وهو شهر الحج المشروع، فوقف بعرفة في اليوم التاسع.

واختلفوا في أوّل من نسّأ النسيء، فقال ابن عباس: بنو مالك بن كنانة، وكان يليه أبو ثمامة وجنادة بن عوف بن أمية الكناني، كان يقوم علي جمل بالموسم فينادي: إن الهتكم قد أحلت لكم المحرم فأحلّوه، ثم ينادى في قابل «١» : إنّ الهتكم قد حرّمت عليكم المحرم فحرّموه.

وقال الكلبي: أول من فعل ذلك رجل من بنى كنانة يقال له: نعيم بن ثعلبة.

وقيل: أول من فعل ذلك عمرو بن لحىّ، وهو أوّل من سيّب السوائب، وقال فيه النبى صلّى الله عليه وسلّم: «رأيت عمرو بن لحىّ يجر قصبه (أى أمعاءه) فى النار» »

] .

«أما بعد؛ أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقا، ولهنّ عليكم حقا؛ عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم غيركم، ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم، وعليهن ألايأتين بفاحشة مبيّنة، فإن فعلن؛ فإنّ الله قد أذن لكم أن تعضلوهنّ وتهجروهنّ في المضاجع، وتضربوهن ضربا غير مبرّح، فإن انتهين فلهنّ رزقهن وكسوتهنّ بالمعرف، واستوصوا بالنساء خيرا؛، فإنهن عندكم عوان «٣» لا يملكن لأنفسهنّ شيئا، وإنكم إنما أخذتموهنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاعقلوا أيها الناس واسمعوا قولي، فإني قد بلغّت قولى وتركت فيكم ما إن استعصمتم به فلن تضلوا أبدا: كتاب الله وسنة نبيه.

أيها الناس: اسمعوا قولي، واعلموا أنّ كل مسلم أخو المسلم، وأن المسلمين إخوة، فلا يحل لا مرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه إياه عن طيب نفس، فلا تظلموا أنفسكم ... ألا هل بلّغت؟.» .


(١) قابل: أي العام التالي.
(٢) رواه مسلم، وأحمد، وغيرهما من أصحاب الصحاح.
(٣) عوان: أي أسيرات عندكم.