للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيها الناس إنّ دمائكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وحرمة شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم. وقد بلّغت؛ فمن كان عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، وإن كان ربا فهو موضوع، ولكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون قضى الله ألاربا؛ إنّ ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كله، وإنّ كلّ دم في الجاهلية موضوع كله، وإنّ أوّل دم أضع دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب (وكان مسترضعا في بنى سعد فقتله بنو هذيل) . أيها الناس إن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا، ولكنه رضى أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقّرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم، إنما النسيء زيادة في الكفر يضلّ به الذين كفروا، يحلونه عاما ويحرّمونه عاما ليواطئوا عدّة ما حرّم الله فيحلّوا ما حرّم الله، ألا وإنّ الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله، يوم خلق الله السموات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الفرد الذى بين جمادى وشعبان» «١» .

[ومعنى الحديث: أن الأشهر رجعت إلى ما كانت عليه، وعاد الحج في ذى الحجة، وبطل النسيء الذى كان في الجاهلية، وقد وافقت حجة الوداع ذا الحجة، وكانت حجة أبى بكر رضى الله عنه قبلها في ذى القعدة، والنسىء: التأخير لحرمة شهر إلى اخر كما كانت الجاهلية تفعل؛ كانوا إذا جاء شهر حرام وهم محاربون أحلّوه وحرّموا مكانه شهرا اخر، ورفضوا خصوص الشهر، واعتبروا مجرد العدد، فكانوا يؤخرون تحريم المحرّم إلى صفر، فيحرّمون صفر ويستحلون المحرم، فإذا احتاجوا إلى تأخير تحريم صفر أخّروه إلى ربيع، وهكذا شهرا بعد شهر، حتى استدار التحريم على السنة كلها، وكانوا يحجون في كل شهر عامين، فحجوا في ذى القعدة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر


(١) رواه الإمام أحمد، ورواه البخارى في التفسير، ومسلم وابن جرير الطبرى وسعيد بن منصور، وله ألفاظ وطرق مختلفة بمعنى واحد.