بالماء. وغسله عليّ والعباس وابناه الفضل وقثم، وأسامة بن زيد وشقران مولياه صلّى الله عليه وسلّم، فكان العباس وابناه يقلبونه، وأسامة وشقران يصبان الماء، وعليّ يغسله، ونفضه عليّ فلم ينزل منه شيء فقال:«بأبى أنت وأمى ما أطيبك حيا وميتا» وأعينهم معصوبة، لحديث على «لا يغسلنى إلا أنت، فإنه لا يرى أحد عورتى إلا طمست عيناه» . وغسل صلّى الله عليه وسلّم من بئر عرس (بفتح العين المهملة وسكون الراء فسين مهملة) بوصية منه، كان يشرب منها، وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية (بفتح السين وضمّها، والفتح أشهر، فالفتح منسوب إلى السحول، وهو القصّار، لأنه يسحلها أي يغسلها أو إلى «سحول» ، وهى بلدة باليمن، وأما بالضم فهو جمع سحل، وهو الثوب الأبيض النقي، ولا يكون إلا من قطن) ليس فيها قميص ولا عمامة، بل لفائف من غير خياطة، وبرد حبرة أدرج فيها إدراجا، وفرغ من جهازه يوم الثلاثاء، ووضع على سريره، وصلّى عليه المسلمون صفوفا؛ لا يؤمّهم أحد، وكان أبو بكر وعمر في الصف الأوّل، الذى حيال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالا:«اللهم إنّا نشهد أنه صلّى الله عليه وسلّم قد بلّغ ما أنزل إليه، ونصح لأمته، وجاهد في سبيل الله حتي أعزّ الله دينه، وتمت كلمته، فاجعلنا إلهنا ممّن تبع القول الذى أنزل معه، واجمع بيننا وبينه حتّى تعرّفه بنا وتعرّفنا به؛ فإنه كان بالمؤمنين رؤفا رحيما، لا نبتغى بالإيمان به بدلا، ولا نشترى به ثمنا أبدا» ، فيقول الناس:
امين، امين. وهذا يدل على أن المراد بالصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم: الدعاء، لا الصلاة على الجنازة المعروفة عندهم. والصحيح أن هذا الدعاء كان ضمن الصلاة المعروفة التي بأربع تكبيرات، فقد جاء أن أبا بكر- رضى الله عنه- دخل عليه صلّى الله عليه وسلّم فكبّر أربع تكبيرات، ثم دخل عمر- رضي الله عنه- فكبّر أربعا، ثم دخل عثمان- رضى الله عنه- فكبّر أربعا، ثم دخل طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام- رضى الله عنهما- ثم تتابع الناس أرسالا، يكبّرون عليه، أى وعلي هذا إنما خصّوا الدعاء بالذكر؛ لأنه الذى يليق به صلّى الله عليه وسلّم، ومن ثمّ استشاروا كيف يدعون له، فأشير بمثل ذلك.
وروى البيهقى عن ابن عباس: لما صلّي علي المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، أدخل الرجال