للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصلّوا بغير إمام أرسالا (أى قطائع) «١» .

وقال الشافعي: وذلك لعظم أمره وتنافسهم في ألايتولى الإمامة أحد في الصلاة عليه، وقيل: أوصى به. وقال السهيلي: وجه الفقه فيه أنّ الله افترض الصلاة عليه بقوله: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً «٢» وحكم الصلاة التى تضمنتها الاية ألاتكون بإمام، والصلاة عليه عند موته داخلة في لفظ الاية.

ثم صلّى عليه النساء بعد الرجال، ثم الصبيان، ثم العبيد بغير دعاء الجنازة المعروفة.

وفرش له في لحده قطيفة كان يلبسها ويفترشها، فقالوا: لا يلبسها أحد بعده، وهى كساء.

واتخذوا له لحدا ونصبت عليه تسع لبنات، وجعلوه مسنّما، وهذا لا يعارض مذهب العلماء في كراهة وضع فراش تحت الميت؛ لأنّ كلامهم في غير النبى صلّى الله عليه وسلّم ممن يتغير ويبلي. وحكمة عدم أكل الأرض أجساد الأنبياء، ومن ألحق بهم:

التكريم، قال الله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [ال عمران: ١٦٩] . والأنبياء أجلّ وأعظم من ذلك، والراجح أن حياة الشهداء بالجسد لا بالروح فقط، ولا يقدح في ذلك عدم الشعور من الحي، وأعظم دليل علي ذلك أن حياة الروح ثابتة لجميع الأموات: المؤمن والكافر بالإجماع، فلو لم تكن حياة الشهداء بالجسد لاستوى هو وغيره، ولم يحصل له تمييز على غيره، ولم يكن لقوله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ «٣» معنىّ، وقال ابن جرير في تفسيره وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ أى لا ترونهم فتعلموا أنهم أحياء، فظاهره أنّ رزق الشهداء بالأكل والشرب في البرزخ، ليس للاحتياج، بل للإكرام والتنعيم. وورد «إن الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» «٤» قال العلامة القرطبى في التذكرة: إن


(١) جماعات.
(٢) سورة الأحزاب الاية ٥٦.
(٣) البقرة: ١٥٤.
(٤) رواه ابن ماجه.