ورثاه جماعة، منهم صفية عمته رضى الله عنها بمراث كثيرة، وأبو سفيان ابن الحارث، وأبو بكر الصديق رضى الله عنه.
وتوفاه الله وحصل له درجة الشهادة، فوق ما أعطاه الله من مراتب النبوة وزاده؛ لأنه لما سمّته اليهودية في الشاة استمر ذلك السم حتي قال في مرضه:
«الان انقطع أبهري» يعنى من ذلك السم، والأبهر: عرق مستبطن القلب، فإذا انقطع لم تبق بعده حياة.
وكانت وفاته يوم الاثنين ثانى عشر ربيع الأوّل، حين زاغت الشمس سنة إحدى عشرة من الهجرة، وقيل: حين اشتد الضحي، كالوقت الذى دخل فيه إلى المدينة.
وعن ابن عباس: ولد صلّى الله عليه وسلّم يوم الاثنين، واستنبيء يوم الاثنين، وخرج مهاجرا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، ووضع الحجر يوم الاثنين، وقبض يوم الاثنين، ودفن ليلة الأربعاء، وكانت ليلة مظلمة لفقده وانقطاع الوحي، عكس دخوله إليها في الهجرة.
قال أنس:«لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذى مات فيه أظلم منها كل شيء» .
ولم أخّر دفنه؟ وقد قال عليه الصلاة والسلام لأهل بيت أخّروا دفن ميتهم:
«عجّلوا دفن ميتكم ولا تؤخّروه»«١» .
فالجواب: أخّروه للاختلاف في دفنه، أو للاشتغال بأمر البيعة؛ ليكون لهم إمام يرجعون إليه، وهو أهم الأمور، حتى استقر الأمر، فبايعوا أبا بكر، ثم رجعوا بعد ذلك إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم، فنظروا في دفنه فغسّلوه وكفّنوه صلّى الله عليه وسلّم، وتزينت الجنان بقدوم روحه الكريمة.
(١) وأخرج أحمد والترمذى قال صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاث لا يؤخّرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا» .