للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة مسافة القصر، والصحيح من مذهب الشافعى اعتبار اختلاف المطالع، والله أعلم. اهـ» .

ولما توفى صلّى الله عليه وسلّم ترتب على وفاته ارتداد أكثر العرب، كبنى حنيفة، إلا أن أهل المدينة ومكة والطائف لم تدخلهم الردّة، وكان عامل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على مكة عتّاب بن أسيد، فاستخفى خوفا على نفسه، فارتجت مكة وكاد أهلها يرتدّون، فقام سهيل بن عمرو علي باب الكعبة وصاح بقريش وغيرهم، فاجتمعوا إليه، فقال: «يا أهل مكة كنتم اخر من أسلم، فلا تكونوا أول من ارتد، والله ليتمّنّ الله هذا الأمر كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» . فامتنع أهل مكة من الردة.

وسيأتى ما يتعلق بذلك في الفصل الأوّل من الباب الخامس.

قال ابن إسحاق: ولما توفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عظمت به مصيبة المسلمين، فكانت عائشة- رضى الله عنها- فيما بلغنى تقول: «لما توفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والنصرانية، ونجم النفاق، فكان المسلمون كالغيم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم صلّى الله عليه وسلّم، حتى جمعهم الله علي أبى بكر» انتهي.

وقال أهل السير: خرج أبو بكر- رضى الله عنه- إلى الناس وهم في المسجد يموجون، فخطبهم وثبتهم، ونعى لهم سيد الأولين والاخرين، وقرأ عليهم الايات التى تناسب ذلك، ومنها: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وهذا استفهام إنكار وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ


(١) أخرج مسلم في صحيحه عن سيدنا عمر رضى الله عنه أنّ رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين: آية في كتابكم تقرؤنها لو علينا معشر اليهود أنزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية؟ قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا) قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذى أنزلت فيه على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وهو قائم يوم عرفة في يوم الجمعة» . وأخرج رزين في «تجريد الصحابة» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أفضل الأيام يوم عرفة وافق يوم جمعة، وهو أفضل من سبعين حجة في غير حجة» . وحديث أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقف وقفة عرفة يوم جمعة، رواه أيضا البخارى ومسلم، والإمام أحمد، وابن جرير، وابن مردويه، والطبراني، وهو مروى عن سيدنا عمر، والإمام علي، ومعاوية ابن أبى سفيان، وعبد الله بن عباس وسمرة بن جندب.