للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [ال عمران: ١٤٤]- ولم يكن فيهم أثبت منه ومن العباس.

وما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند موته درهما ولا دينارا، ولا عبدا ولا شيئا، إلا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضا جعلها صدقة.

وعن عائشة- رضى الله عنها- أن فاطمة سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ميراثها من تركة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من خيبر وفدك، فقال أبو بكر: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا نورث؛ ما تركناه صدقة» ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا؛ فوجدت فاطمة علي أبى بكر في ذلك؛ فهجرته فلم تزل مهاجرته حتّى توفيت «١» .

وروى البيهقى عن الشعبى أن أبا بكر عاد فاطمة في مرضها، فقال لها عليّ:

هذا أبو بكر يستأذن عليك؟ قالت: أتحب أن اذن له؟ قال: نعم. فأذنت له. فدخل عليها فترضّاها حتّى رضيت «٢» .


(١) قول الشيخ رحمه الله «فلم تزل مهاجرته حتّى توفيت» . افتراء محض من المؤرخين، والذى يستعرض موقف الصحابة عند موت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويعرف مدى المصيبة التى حلّت بهم، يعرف أيضا موقف السيدة فاطمة- رضى الله عنها- من هذه الصدمة. هذا أحدهم يدعو على نفسه بالعمي، حتى لا يرى أحدا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويستجاب له، وهذا سيدنا عمر قد حدث له ما حدث، حتى هاج في الناس، وقال: «من يزعم أن محمدا قد مات قتلته بسيفى هذا» . وهذا أبو بكر رضى الله عنه وأرضاه، أخذ جسمه في النقصان والنحول حتّى مات بعد عامين وأشهر من موت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وهذا. وهذا، وعدد كبير من الصحابة رضى الله عنهم حدث منهم ما ينكر لو لم يكن هذا الحادث، فما بالك بالسيدة فاطمة- رضى الله عنها- وأرضاها. مطالبتها بالميراث صحيحة، ولكن غضبها من أبى بكر افتراء وكذب، نعم، إنها جلست في بيتها ستة أشهر لم تكلمه، ولم تكلم أحدا؛ لما هى فيه من البلوى التى حلّت بها، وقد عبّرت عن هذا عند ما زارت أباها [بعد انتقاله بقولها:
صبّت عليّ مصائب لو أنها ... صبّت على الأيام عدن لياليا
وأما حديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورث: ما تركناه صدقة» فقد رواه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي بن أبى طالب، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبى وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، والعباس، وأزواج النبى صلّى الله عليه وسلّم، والرواية عنهم ثابتة في الصحاح والمسانيد. ولم تحرم السيدة فاطمة من الميراث واحدها، وإنما أيضا أزواجه صلّى الله عليه وسلّم، فلم لم يثر الشيعة الضجة بأن أزواجه صلّى الله عليه وسلّم: لم لم يورّثن أيضا؟ وهذا واحده أكبر دليل علي أنها زوبعة مقصودة للإفساد، لا حبّا في السيدة فاطمة رضى الله عنها- والله تعالى أعلم.
(٢) إنما ترضّاها سيدنا أبو بكر مخافة أن تكون غاضبة منه، وفي الحديث جملة من اداب بيت النبوة، منها قولها: «أتحب أن اذن له» لأن المرأة ليس لها أن تأذن في بيت زوجها إلا بإذنه.