للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول ابن قاسم فيما تقدم: «ويكفى في رد هذه الدعوي» إلى اخره، قال شيخ الإسلام في شرح البهجة: «الذى أختاره أنّ الأفضلية محمولة على أحوال؛ فعائشة أفضل من حيث العلم، وخديجة أفضل من حيث تقدمها، وإعانتها له صلّى الله عليه وسلّم فى المهمات، وفاطمة من حيث البضعة والقرابة، ومريم من حيث الاختلاف في نبوّتها، وذكرها في القران مع الأنبياء، واسية من حيث الاختلاف في نبوتها، وإن لم تذكر مع الأنبياء أ. هـ.

وأقول: إن صحّ التفضيل بالحيثية رجع الخلاف لفظيا ودفع التعارض في الأقوال، إلا أنه لا يمكن أخذه بالقبول على عمومه في جميع الحيثيات؛ لأنه فتح باب يعيي سدّه، فلو سلم قبوله في حق السيدة فاطمة وأخيها، فلا يقبل في حق الإمام على كرم الله وجهه بالنسبة إلى أبى بكر رضى الله عنه، نظرا إلي حيثية القرابة القريبة أو الصهارة، على أنه يلزم من ذلك اعتبار الحيثية في حق السيدة رقية وأم كلثوم، زوجتي عثمان بن عفان رضى الله عنه، كما يلزم أن الشخص الواحد يكون فاضلا من جهة ومفضولا من أخرى، فيرجع إلى التساوي، مع أنّ مطمح النظر الأفضلية واعتقادها. وأما المحبة لمثل على رضي الله عنه لحيثية النسب من ذريته، على اختلاف طبقاتهم، فشىء اخر إذا كان معها حب أبى بكر رضي الله تعالى عنه وبقية الصحابة، ولذلك قال على كرم الله وجهه «لا يجتمع حبّى وبغض أبى بكر وعمر» لأنهما ضدّان، وهما لا يجتمعان؛ فالمحبة المعتبرة الممدوحة هى ما كانت مع اتباع سنّة المحبوب؛ إذ محبته من غير اتباع سنته- كما عليه الشيعة والرافضة من محبتهم مع مجانبتهم للسنّة-، لا تفيد مدّعيها شيئا من الخير؛ لأنها ليست محبة حقيقية، بل هى خالية عن التأدب باداب المحبوب، فأتباع عليّ الحقيقيون هم أهل السنة، لا الشيعة، وعليه الحديث الذى أخرجه الدار قطنى مرفوعا: «يا أبا الحسن أما أنت وشيعتك (أى حزبك المولعون بحبك أكثر من غيرك) في الجنة، وإن قوما يزعمون أنهم يحبونهم يصغّرون الإسلام ويلفظونه ويمرقون منه كما يمرق السهم من الرميّة، لهم نبز يقال لها الرافضة، فإذا أدركتهم فقاتلهم؛ فإنهم مشركون» قال الدارقطني: ولهذا الحديث عندنا طرق كثيرة.