للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢- ثم تزوج صلّى الله عليه وسلّم بعد موت خديجة سودة بنت زمعة بنت قيس بن عبد شمس بن عبدودّ بمكة قبل الهجرة، وكبرت عند النبى صلّى الله عليه وسلّم، فأراد فراقها، فوهبت نوبتها من النبى عائشة، وقالت: لا رغبة لي في الرجال، وإنما أريد أن أحشر مع أزواجك، فأمسكها. وكان يقسم لبقية أزواجه ويقسم نوبتها لعائشة، وتوفيت بعده في شوال سنة أربع وخمسين بالمدينة.

والقسم في حقه صلّى الله عليه وسلّم غير واجب، وإنما هو من باب العدل والإنصاف.

٣- ثم تزوج صلّى الله عليه وسلّم عائشة بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنه بمكة، قبل الهجرة بسنتين، وقيل بثلاث، وهى بنت ست أو سبع، وقالت: تزوجنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإنى لألعب مع الجوارى والبنات، فما شعرت بذلك حتّى حبستنى أمى عن الخروج، فوقع في نفسى أنى قد زوّجت، وما سألتها حتي أخبرتنى ابتداء. وبنى بها صلّى الله عليه وسلّم في المدينة، وهى بنت تسع، ومات عنها وهى بنت ثمانى عشرة. وتوفيت سنة ثمان وخمسين، وقيل غير ذلك، وصلّى عليها أبو هريرة، ودفنت بالبقيع، ونزل في حفرتها عبد الله بن الزبير، وهو ابن أختها أسماء بنت أبى بكر. ولم يتزوج صلّى الله عليه وسلّم بكرا غيرها. وروى عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة أنها أنشدت بيت لبيد:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب

فقالت: رحم الله لبيدا فكيف لو رأى هذا الزمان! وقال عروة: وأنا أقول؛ رحم الله أم المؤمنين، فكيف لو رأت هذا الزمان! وقال هشام: رحم الله عروة فكيف لو رأى هذا الزمان! وقال حماد: رحمهم الله فكيف لو رأوا زماننا! «١» .

٤- ثم تزوج صلّى الله عليه وسلّم حفصة، زوّجه إياها أبوها عمر بن الخطاب رضى الله عنه في شعبان، علي رأس ثلاثين شهرا من مهاجره صلّى الله عليه وسلّم، بعد وفاة زوجها خنيس ابن حذافة بن قيس السهميّ، وكان صحابيا بدريا توفى بالمدينة من جراحة أصابته ببدر، وقيل بأحد، وتوفيت في شعبان سنة خمس وأربعين


(١) ونحن نقول: رضى الله عنهم: كيف لو رأوا زماننا هذا؟