وكتابنا هذا الذى نقدم له «نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز» زهرة من الزهور اليانعة في بستان السيرة المحمدية. يمتاز بالأصالة وغزارة المادة العلمية وعمق الفكرة، صيغت بلسان عربى ويراع يعرف كيف يعبر عن فكره، وينقله فى يسر ووضوح إلى القاريء.
والكتاب في جملته يراعى الترتيب الزمنى المعهود في كتب السيرة السابقة عليه: بدا بمولده حتّى وفاته صلّى الله عليه وسلّم، ويضيف فصولا عن نظم الدولة الحديثة التى أرساها الإسلام وهو باب مستحدث لم يوفه السابقون عن المؤلف- رحمه الله- حقّه.
والمؤلف يستخدم المنهج العلمى في دراسته؛ فإذا ما تعرّض لحادثة عجيبة أو حدث تاريخى مختلف عليه، أو مسألة فقهية عرضت له في سرده، أخذ القاريء في سياحة طريفة، ووافاه من علمه الغزير بما يحيط بالمسألة ويجليها؛ إذ يقلّبها على وجوهها، ويشرك القاريء معه في التوصل إلى اقتناع عقلى يميط اللبس ويجلى الحق.
ومؤلف الكتاب عالم جليل من أبناء مصر؛ «السيد رفاعة الطهطاوى»[شريف حسيني] ينتسب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن طريق الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبى طالب من فاطمة الزهراء رضى الله عنهم، وذلك من جهة أبيه، أما أخواله فمن الأنصار. وهو [عالم أزهرى جليل] تعلّم في الأزهر على كبار العلماء، ومنهم الشيخ حسن العطار شيخ الأزهر. [وهو خطيب وإمام فصيح] ، وهو [إمام النهضة العلمية في مصر] كما وصفه الأمير عمر طوسون رحمه الله، فهو الذى نقل العلوم الحديثة إلى مصر بما ترجم من مؤلفات وما بث فى تلاميذه من روح العلم في شتّى فروع المعرفة، من: هندسة وجغرافيا وأدب وطب وعلوم حربية الخ. وهو إلى جانب ذلك كله [ذو شمائل فاضلة] فهو ذكى الفؤاد، متوقد الذهن، حديدى الإرادة، طيب الخلق.
وسوف تطّلع بنفسك أيها القاريء الكريم على حسن تعبيره ودقة معانيه مما لا يتوفّر إلا [لأديب مطبوع] .
وسوف يعرض لك محققا الكتاب ترجمة له تنبئك بالخبر تفصيلا بعد إيجاز.