على سبيل الاتفاق دون القصد، أو المراد كنكاح الإسلام في الجملة؛ لأن إسلام الولى أو عدالته أمر متعذر قبل الإسلام، خصوصا أيام الجاهلية، فنكاح أصوله صلّى الله عليه وسلّم منزّه عن السفاح، أى عن الزنا واتخاذ الأخذان، وما كانوا عليه في الجاهلية من نحو نكاح زوجة الأب، حيث أنهم كانوا في الجاهلية إذا مات الرجل منهم وخلّف أولادا كبارا وصغارا، فالكبار يتزوجون بزوجة أبيهم.
وبالجملة فهو صلّى الله عليه وسلّم مبرّأ عمّا كانت تستعمله العرب في الجاهلية من أنواع السفاح التى لا تعدّ في الإسلام نكاحا.
فقد كان النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء:
الأوّل: نكاح كنكاح الناس اليوم، أى إيجاب وقبول.
الثاني: نكاح البغايا، وهو أن يطأ البغيّ جماعة متفرقون، واحدا بعد واحد، فإذا حملت وولدت ألحقت الولد بمن غلب عليه شبهه منهم.
الثالث: نكاح الاستبضاع، وذلك أن المرأة كانت في الجاهلية إذا طهرت من حيضها يقول لها زوجها:«أرسلى إلى فلان استبضعى منه» ويعتزلها زوجها، ولا يمسّها أبدا حتّى يتبين حملها، فإذا حملت أصابها زوجها إذا أحب.
الرابع: نكاح الجمع وهو أن تجمع جماعة دون العشرة، ويدخلون على امرأة من البغايا ذوات الرايات، كلهم يطئونها فإذا حملت ووضعت ومرّ عليها ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل أن يمتنع حتّى يجتمعوا عندها، فتقول لهم:«قد عرفتم الذى كان من أمركم، وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان» ، تسمّى من أحبت منهم فيلحق به ولدها، فلا يستطيع أن يمتنع منه الرجل، وإن لم يكن شبهه عليه.
فنكاح اباء النبى صلّى الله عليه وسلّم وأمهاته كان من قبيل القسم الأوّل، ومنزها عما عداه، فقد طهره الله من أدناس الجاهلية، ومنحه الأخلاق الجميلة العليّة، حتى إنه ما كان يدعى في قومه إلا بالأمين، وكيف لا وهو حبيب الله وخليله المختار من العالمين المسدّد المعصوم في البداية والنهاية، وكم قد ذكر له في الصغر وقبل النبوة وبعدها من اية، وهذا من أعظم العناية به صلّى الله عليه وسلّم، حيث أجرى الله سبحانه وتعالى نكاح ابائه عليه الصلاة والسلام إلى أن أخرجه صلّى الله عليه وسلّم من بين أبويه على