نمط واحد وفق شريعته، ولذلك قال الإمام السبكي:«إن الأنكحة الواقعة في نسبه صلّى الله عليه وسلّم كلها مستجمعة لشروط الصحة كأنكحة الإسلام، قال: فاعتقد هذا بقلبك وتمسّك به، ولا تزلّ عنه فتخسر» .
وما نقل عن أبى المنذر أنه قال: بلغنا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر العزّى يوما فقال: «لقد أهديت للعزّى شاة عفراء، وأنا علي دين قومي» فكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وافتراء عليه؛ حيث قد أطبق الإجماع على أنه صلّى الله عليه وسلّم لم يتدنس هو ولا اباؤه مما كانت عليه الجاهلية، وما أقبح من يروم التصنيف ويجعل في مصنفه مثل هذا الكذب القبيح، فإنه ينادى على نفسه بعدم المعرفة والاتصاف بالجهالة والسفه، ولم يكن شيء مثل ذلك إلا لكفار قريش، حيث كانوا يطوفون بالكعبة ويقولون: واللات والعزّى ومناة الثالثة الاخري، فإنهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي، ولم يثبت شيء من ذلك في حق أحد من ابائه صلّى الله عليه وسلّم على عمود النسب. وقد فسر العلماء قوله تعالى: الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ
[الشعراء: ٢١٨، ٢١٩] أى يرى تقلبك وأنت نور في أظهر الساجدين، بمعنى في أصلاب وأرحام المؤمنين من لدن ادم وحواء إلى عبد الله وامنة، فعلى هذا جميع أصوله- رجالا ونساء- مؤمنون.
ثم أورد على هذا ازر أبو إبراهيم فإنه على دين قومه بمقتضى الايات!؟
وأجابوا عنه بجوابين:
أحدهما: أنه كان عم إبراهيم لا أباه، وتسميته أبا علي عادة العرب من تسمية العم أبا.
وثانيهما: أن اباءه صلّى الله عليه وسلّم لم يدخلهم الشرك ذكورا وإناثا ما دام النور المحمدى في الذكر والأنثي، فإذا انتقل منه لمن بعده أمكن أن يعبد الله وغيره، وازر ما عبد الأصنام إلا بعد انتقال النور منه لإبراهيم عليه السلام، وأما قبل فلم يعبد غير الله، وهذا الجواب الثانى المفيد لتنزه النور المحمدى عن أن يكون قد حلّ فى أصل غير طاهر ما دام ساكنا فيه، فهو وإن استحسنه بعض العلماء إلا أنه لا يخلو من إخلال بالنسب؛ إذ كيف يسكن النور المحمدى في صلب طاهر ورحم نقي، ثم يخبث الأصل بانتقال النور، فهذا مما لا يليق بلفظ «الساجدين» الذى عبر به عن المؤمنين بكمال البلاغة في التجوّز عن (المؤمنين) إلى (المصلين) ،