للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصنام وشرّع الأحكام فبحّر البحيرة وسيّب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحام، وتبعته العرب في ذلك.

القسم الثالث من أهل الفترة: وهم من لم يشرك ولم يوحّد، ولا دخل في شريعة نبيّ ولا ابتكر لنفسه شريعة ولا اخترع دينا، بل بقى طول عمره على حال غفلة من هذا كله، وفي الجاهلية من كان على ذلك.

وحيث انقسم أهل الفترة إلى ثلاثة أقسام، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة ما يدل على تعذيب أهل الفترة، كحديث «رأيت عمرو بن لحيّ يجر قصبه في النار، «١» ونحو ذلك، فيحمل على القسم الثانى من أهل الفترة لكفرهم بما تعدّوا به من الخبائث؛ حيث أن الله سبحانه وتعالى سمى جميع هؤلاء من هذا القسم كفارا ومشركين، فإنّا نجد القران كلما حكى حال أحد منهم سجّل عليهم بالكفر والشرك، كقوله تعالى ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ [المائدة: ١٠٣] ثم قال: وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ.

وأما أهل القسم الأوّل كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل، فقد قال عليه الصلاة والسلام في كل منهما: «إنه يبعث أمّة واحده» .

وأما عثمان بن الحويرث وتبّع وقومه وأهل نجران: فحكمهم كحكم أهل الدين الذى دخلوا فيه، ما لم يلحق أحد منهم بالإسلام الناسخ لكل دين.

وأما أهل القسم الثالث الذين هم أهل الفترة حقيقة، فهم غير معذبين، وقال الجلال السيوطي «٢» : إن أبوى النبى صلّى الله عليه وسلّم كانا على التوحيد ودين إبراهيم، كما كان كذلك طائفة من العرب، كزيد بن عمرو بن نفيل، كما يدل عليه قوله:

أربّا واحدا أم ألف ربّ ... أدين إذا تقسمّت الأمور

تركت اللات والعزّي جميعا ... كذلك يفعل الرجل البصير


(١) ورواية مسلم: «رأيت عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف بن كعب وهو يجر قصبه في النار» ورواه الدار قطنى في الأفراد.
(٢) له في ذلك رسالة خاصة اسمها «الفوائد الكامنة في إيمان السيدة امنة» وله كذلك «التعظيم والمنة فى أن أبوى النبى صلّى الله عليه وسلّم في الجنة» .