للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكثير كانوا كذلك، فأين هجرتهم فضلاً عن إسلامهم للعوامل الاقتصادية، أهذا هو المنهج يا "وات" وقد علمت وذكرت، والكاذب ينسى ما يقول، أن القرآن الكريم كان في بداية ما نزل يحث على النفقة، وعدم كنز المال إلى آخر ما سطرت شمالك، فكيف يعلم قوم بذلك ثم هم يسلمون ويهاجرون لخلافه، والإسلام يطلب منهم المسارعة إلى الخير، وكثرة البذل، وبيع النفس والمال لله تعالى، لقد قالوا بعد فتح خيبر سنة ست للهجرة قبل نهاية الدعوة لم نشبع من التمر حتى فتحت خيبر (١).

وهذا المنهج في تفسير وقائع التاريخ - وهو هَمُّ المستشرقين - يفرغ الإسلام من جانبه الروحي، من الإيمان بالله، وتقديم ما عند الله من ثواب على تحصيل الدنيا الزائلة، والإيمان بالآخرة، والتصديق بالوحي، وبموعود الله لهم، إنها إذن من أخبث الأفكار ألا يكون وراء الدنيا دار للجزاء والحساب، وأنه ليس ثم إلا الدنيا واللهث وراء شهواتها، وإنكار كامل للوحي.

أما المنهج التالي الذي استخدمه المستشرقون فهو ..

المنهج الرابع: منهج البناء والهدم:

وهو أن يمدح المستشرق الإسلام ونبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جانب من جوانبه إذا ما كان القارىء مسلماً أو يعرف الإسلام حتى يظن به الاقتناع والنزاهة والموضوعية في أحكامه، ولكنه سرعان ما يهدم ما بناه؛ حتى يعمي على القارئ ليستسلم لكتاباته، ويثق فيها وذلك واضح في كتابات "وات" الذي جعل كثيرًا يظنون به الإنصاف والموضوعية والعلمية، فمثلاً عندما أراد أن يهدم عالمية الدعوة، وأن يثلم ثلمة في الإسلام، مدح الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليكون طريقًا لذلك حيث


(١) البخاري (١٣/ ١٣٦).

<<  <   >  >>