لم يجد ما يرد به ردًا علميًا على إرسال الرسل إلى الملوك والحكام يدعوهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدعاية الإسلام فيقول:"لا يمكن قبول هذه القصة كما هي، لأن محمداً كان رجل دولة حكيماً، بعيد النظر، ولم يفقد عقله، بعد النجاح الذى حققه في صلح الحديبية، ودعوته هؤلاء الأمراء في هذا الوقت تُسىء إليه أكثر مما تفيده (١) "، فهو يصف الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذه الأوصاف، حتى يقول القائل ها هو ذا "وات" ونظرته إلى الإسلام والرسول فلماذا تهاجمونه، ولكن سرعان ما تتضح لهم الحقيقة لكلام المدح هذا، في نفس الوقت يحمل التكذيب لهذه الوقائع من الرسول، والتي لا مرية فيها، ولا شك في فعل النبي لها، وهكذا بطول كتبه وعرضها، ما رأينا كلامًا فيه مدح إلا وهو مقدمة الذم تتبعها حشود التضليل والتكذيب.
ننتقل سريعًا لتكملة الحديث والبحث في بقية المنهج، فيصادفنا
وقد أسرف المستشرقون في استخدام هذا المنهج بكل بجاحة، مع أنه علم وتاريخ، ولا علاقة لهم به، ولا يد لهم في صنعه، ولا قدرة لهم بأدوات بحثه وتمحيصه، لكن ما يجب أن يأخذوا به هو صحيح هذا التاريخ، ودراسته في بيئته، ووقته وزمانه، وأخلاقه وعاداته، فإذا بهم قد أتوا بتاريخ جديد قد افتروه من ضعيف شاذ وتعاملوا معه بعقلية مجافية ومخالفة لعقليته، في بيئة غير بيئته، في زمن بعد زمنه بقرون متطاولة، وما خالف ذلك نفوه ولو كان صحيحًا، فيأخذون من تاريخ الإسلام ما يوافقهم، ويردون تاريخًا لا يناسب قضيتهم وما يريدون أن يصلوا إليه، وإن حالت بينهم وقائع أخرى تشككوا فيها فكثر التشكك حتى صار مبدأ في تعاملهم مع الإسلام، فإن لم يجدوا ما يسعفهم افترضوا تاريخًا من عند