للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقلم هو الوارد في قوله تعالى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} [العلق: ٤ - ٥]، لأنه الظاهر الذي يقتضيه حال أهل الكتاب، وعند من يعرف الكتابة من العرب، وهو المناسب لقوله تعالى: {وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: ١]، وقد أقسم به لشرفه بأنه يكتب به القرآن، وكُتِبَت به الكتب المقدسة، وتُكْتَب به كتب التربية والأخلاق والعلوم، وكل ذلك له حظ شرف عند الله تعالى. (١)

هذا على التعريف المرجح في تعريف القلم، وقيل أيضًا ما يُكَنَّى عنه بالقلم من تعلق علم الله بالموجودات الكائنة، والتي ستكون (٢).

وأما قوله تعالى: {وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: ١] فالمقسم به الثاني، فالآيات فيها أمران مقسم بهما؛ وهما القلم وما يسطرون، والمقسم عليه ثلاثة، وهي نفي الجنون عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإثبات الأجر والثواب له، والثالث كونه على خلق عظيم.

ونعود إلى قوله تعالى: {وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: ١]، ومعناه السطور المكتوبة بالقلم، فإذا كانت {مَا} موصولة صار المعنى: أي وما يكتبونه من الصحف، ويجوز أن تكون مصدرية والمعنى: وسطرهم الكتابة سطورًا.

ويجوز أن يكون القسم بالأقلام التي يكتب بها الوحي وبالمكتوب والموحى به، ويكون القسم حينئذ بالقرآن نفسه على أن القرآن ما هو بكلام مجنون، وذلك كقوله تعالى:


(١) ومن فوائد هذا القسم أنَّ هذا القرآن كتاب الإسلام، وأنَّه سيكون مكتوبًا مقروءًا بين المسلمين، ولهذا كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمر أصحابه بكتابة هذا الوحي. وتعريف القلم هنا للجنس. انظر التحرير والتنوير (٢٠/ ٦٠)، للطاهر بن عاشور.
(٢) انظر السابق.

<<  <   >  >>