للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن عبيد" من يهود بني هدل، إخوة بني قريظة، وذلك عندما حاصر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بني قريظة في غزوة الأحزاب عندما غدروا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسلمين، حتى كادت أن تستباح المدينة المنورة، ويقضوا على الدعوة وصاحبها، وها هي ذي الرواية، يقول ابن اسحاق بسنده عن شيخ من بني قريظة: قدم علينا رجل من يهود أهل الشام يقال له ابن الهيِّبان، وذلك قبيل الإسلام بسنين، فحل بين أظهرهم، فما رأينا رجلاً لا يصلي الخمس أفضل منه، فأقام عندنا، فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له: اخرج يا ابن الهيِّبان فاستق لنا، فيقول لا والله، حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة، فنقول له: كم؟ فيقول: صاعًا من تمر، أو مدين من شعير، ثم يخرج بنا إلى ظاهر حَرَّتنا، فيستقي الله لنا، فوالله ما يبرح مجلسه، حتى يَمُرَّ السحابُ ونسقي، قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث، قال: ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرف أنه ميِّت، قال: أيا معشر يهود، ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قال: قلنا: إنك أعلم، قال: فإني قدمت هذه البلدة أتوكَّف خروج نبي قد أظل زمانه وهذه البلدة مهاجَرُه، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه، وقد أظلكم زمانه، فلا تُسْبَقُنَّ إليه يا معشر يهود، فإنه يبعث بسفك الدماء، وسبي الذرارى والنساء ممن خالفه، فلا يمنعكم ذلك منه.

فلما بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحاصر بني قريظة، قال هؤلاء الفتية، وكانوا شبابًا أحداثًا: يا بني قريظة، والله إنه للنبي الذي كان عهد إليكم فيه ابن الهيِّبان، قالوا: ليس به، قالوا: بلى والله، إنه لهو بصفته، فنزلوا فأسلموا، وأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم (١).


(١) ابن هشام "السيرة النبوية" (١٣٧ - ١٣٨/ ١)، ونسب المحققان صحة الحديث للشيخ الألباني "صحيح السيرة" (٦١)، وكذا ذكره الطرهوني "السيرة الذهبية" (٢٣٩ - ٢٤٠/ ١) وصححه وذكره د. مهدي رزق "السيرة النبوية" (١٤٢)، وذكر في هامشه ما يقوي الحديث ويجعله محتجًا به.

<<  <   >  >>