للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رأيته فرأيت عليه ثياب بياض أبصرته في بطنان الجنة وعليه السندس «(١)، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:» لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين «(٢) وقال:» يبعث يوم القيامة أُمَّة وحده «(٣) ويبدو من سياق الأحاديث أنَّ الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد سئل عن ورقة ذلك الذي تنصر ثم أدرك أول البعثة المحمدية وظنوا عدم إسلامه فكأنهم سبّوه على تنصره، وقالوا هو من أهل النار، فإذا بالنبي يوحى إليه في المنام - ورؤيا الأنبياء حق - أن ورقة من أهل الجنة فبشرهم بإسلامه وأخبرهم بالبرهان على ذلك عن الله تعالى، وهو ما يؤيده قول ورقة للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا، تُرَى بنصره على تعاليم النصرانية والوثنية، أم ينصره كما قال فيما جاء به أي من الإسلام ونضيف إليها:

أ - مفاجأة ورقة بن نوفل بكلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث قال له: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيه جذعًا، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:» أو مخرجي هم؟ «قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وأوذي، وإن يدركني يومك حيًا أنصرك نصرًا مؤزرًا.

وافتراض المفاجأة بسبب كلام ورقة نفسه، حيث قال من ضمن ما قال إن هذا هو الناموس، ولم يحدث حتى في قول "وات" أن ورقة أخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عندما كان يتردد عليه هذا التردد المزعوم المفترى من "وات" كما سنبين إن شاء الله ذلك ذكر هذا الناموس، وإنما فوجئ به ورقة في كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عندما ذكر له أوصاف ذلك الذي أتاه، فلم يتمالك ورقة نفسه أن أخبره أن هذا الملك هو الذي كان ينزل بالوحي على الأنبياء.


(١) ابن كثير "البداية والنهاية" (١٠/ ٣) عن أبي يعلى وحسنه.
(٢) رواه البزار من طريق عائشة رضي الله عنها وقال ابن كثير عن إسناده: وهذا جيد الإسناد، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٤٠٩/ ٢) من حديث عائشة رضي الله عنها وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) الطبراني كما في المجمع (٤١٦/ ٩) وقال الهيثميي ورجاله رجال الصحيح، وانظر د. مهدي رزق "السيرة النبوية" (١٥٩).

<<  <   >  >>