أولاً: أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر أن الملك جاءه وضمه، ثم رأى الملك ذاته على كرسي بين السماء والأرض.
ثانيًا: أن الحق الوارد في رواية "وات" المنتقاة يكون معناه إذن الرسالة والنبوة ليس الحق هو الله كما يحلو ل"وات"، لأنه مناف للواقع وللحديث مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدليل قول الله تعالى على لسان الملك:"اقرأ باسم ربك الذي خلق" لا باسم غيره، وأن الملك مبلغ له ذلك عن الله تعالى الذي خلق.
ثالثًا: أن "وات" أَلَّفَ رواية أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى الملك جالسًا على العرش هكذا بتعريف العرش، وذلك لا يكون إلا لله وجميع ما ورد في ذلك مما يعلمه "وات" هو أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى الملك جالسًا على عرش أو كرسي بين السماء والأرض فماذا نقول في هذا الكلام من "وات"، هذا الملفق ثم يأتي بعد ذلك لينسبه للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويكذبه به.
رابعًا: بعد هذا الكلام كله يقول "وات" إن محمدًا عندما يقرأ "اقرأ" يشعر بالدين في رقبته لورقة، خاصة وأنه لكي يستقيم له تخيله وما يدعيه يفترض نزول قرآن قبل اقرأ، لأنه كان يتردد على ورقة، وأن خديجة لا يستبعد أن تكون هي الأخرى مسيحية.
وقد ظهر بالكلام السابق أن ذلك إنما هو عقدة "وات" في عدم ذكر الحقيقة وتحليلها، فضلاً عن تقطيع أوصال الحقائق في أماكن مختلفة ليؤكد الانتقائية في بحثه، فإن لم يجد اخترع تاريخًا وأخذ يحلله لنا ويستخرج منه ما لا علاقة له ببحثه أو بما يتكلم فيه، وذلك كما أشرنا من قبل أحد معالم بحث "وات" على مدار السيرة من أولها إلى آخرها، وقد رددنا ضمنًا فيما سبق على هذا الكلام العلمي النزيه المحايد من "وات" كما يحلو لنفسه أن يلقبه به.
وفي نهاية المبحث يحسن أن نذكر كلام كاتبين نصرانيين هما "سال" و"تايلور" يدلان على أن النصرانية التي وراء ادعاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للرسالة والوحي كانت في أسوأ عصور