للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسوف نبري قلم النقد بمبراة التهذيب بريًا عظيمًا، مع شدة الاستفزاز التي وصلت إلى أسوأ دركاتها، بما ليس في طاقة الحليم أن يتحمله أو أن يمسك نفسه ويتمالك أعصابه حتى يرد عليه.

- نبدأ بهذا الاعتقاد المضحك، الذي يدل على الاستخفاف بالعقل وعدم احترامه، وإظهار ذلك في ثوب الحياد، في محاولة مكشوفة لكي يقبل العقل التناقض، ويسلم به، يقول "وات": "على المؤرخ أن يعترف بصدق محمد المطلق في اعتقاده بأن الوحي كان يأتيه من الخارج" ثم يهدم ذلك بأمرين.

الأول: يستكمل به هذا الكلام قائلاً: "يمكن أن يكون قبل الوحي قد سمع من بعض الأشخاص قسمًا من القصص التي يذكرها القرآن" (١).

الثاني: "أن مصدر الوحي المحمدي هو اللاوعي الجماعي، الذي هو مصدر كل وحي ديني سواء كان الإسلام أو النصرانية أو اليهودية" (٢) ولا أظن أن هذا التهافت يحتاج إلى بيان من وجوه نصوصه هو وهاك الرد.

الأول: أن محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صادق صدقًا مطلقًا بأن الوحي يأتيه من الخارج وفي نفس السطر ينقلب على عقله، ليقول يمكن أن يكون قد سمع من بعض الأشخاص قسمًا من القصص التي يذكرها القرآن قبل الوحي.

وهذا كاف في الرد، ولكن نفصل شيئًا في كلام "وات" فنقول: إذا كان الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صادقًا في أن الوحي يأتيه من الخارج، فممن كان يأتيه الوحي الذي يسمعه ويبلغه بعد ذلك، لم تطاوع "وات" نفسه في أن يعترف بالحق إنصافًا للعلم، بل غالط نفسه وعقله


(١) Ipid p١٢٨.
(٢) محمد في مكة (٣٢٥).

<<  <   >  >>