للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل إن "وات" يزيد على ذلك محاربة للإسلام ونبيه، بدعوة المسيحيين لاتخاذ موقف ديني من محمد، ويذكر أنه يضع بين أيدي المسيحيين المادة التاريخية التي يجب اعتبارها في تحديد الحكم الديني. (١)

ترى "وات" منصفًا إذن وهو يضع بين يدي بني جلدته أسوأ مادة علمية كما يدعي عن الإسلام وأهله، بحسن قصد ليسلموا، ويعلنوا دخولهم في دين محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أم أنه يضع بين أيديهم ما يُسَوِّؤ صورة الإسلام ورسوله أمام أعينهم، وفي فكرهم واعتقادهم، تراه يوضح لهم سبيل أن يكونوا مسلمين، أم أن يتحصنوا ضد الإسلام، ويحول بينهم وبين انضمامهم إليه، ترى هل أسلم واحد فقط بعد قراءة كتب "وات"؟ دعك من "وات" نفسه أو أن المستشرقين والمستغربين يتخذون كتب "وات" المعتمد المعتبر في نقد الإسلام ونبيه، والحجة الدامغة للاوعي الذي يُغَيِّبُ به "وات" عقولهم عن فهم الإسلام على ما كان عليه.

هل يقول "وات" ويعتقد إذن كلامًا يتفق مع المنطق والعقل، أو مع الحال والواقع، أم إنه يقول ذلك ذرًا للرماد في العيون باتفاق الديانات الثلاث بكون اللاوعي مصدر وحيها.

ونأتي لقضية من قضايا "وات" التي نفى بها نبوة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهي استبعاده تاريخيًا لرؤية جبريل، وقد ألقى بهذه القضية إلقاء من يظن به البحث المجرد الخالي من أي اعتبارات أخرى، والذي يفترض في صاحبه البساطة وحسن النية، بحيث لا يتطرق للسامع والقارئ شك في صاحبه كأنه إلقاء للقول على عواهنه ولكن للأسف الشديد هو كلام مقصود الهدف منه، بادي الترتيب، يعلم من يخاطب، وبما يخاطب، وما الذي يؤدي إليه خطابه، إنه بهذه الجملة القصيرة يهدم في اعتقاد من أمامه نبوة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "لا يمكن أن تكون تاريخية" وبسهولة يقول القائل: لقد قال "وات" إن رؤية جبريل التي تزعمون لا


(١) Ibid.,p .

<<  <   >  >>