للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النتيجة هي هي نفس نتيجة أنه صادق فاستوى أن يكون صادقًا أم كاذبًا في أنه كان مخطئًا في اعتقاد الوحي، فهل هناك تناقض أعظم من أن يستوي الكاذب والصادق، أو الصدق والكذب.

ولعل "وات" أدرك هذه النتيجة فسارع كاذبًا مضللاً بنفي التناقض قبل أن يكتشفه العقل الضعيف لأي طالب.

وتمويهًا على بعض قرائه من المسيحيين في الغرب، وضعفاء العقل من المسلمين بادر بإثارة الغبار على الأديان الثلاثة حتى لا يتهم بالانحياز للمسيحية أواليهودية وأن مصدرها جميعًا واحد، ولكنه ليس الوحي، فقال ما يسلي المرء ضاحكًا في هذا الهم حيث يقول: "مصدر الوحي المحمدي هو اللاوعي الجماعي (١)، الذي هو مصدر كل وحي ديني سواء كان الإسلام أو النصرانية أو اليهودية" (٢)، ولا نملك إلا الضحك الباكي على هذا الكذب، حيث لم يكن ذكورًا لما كتب فيما سبق إذ ما الذي جعلك تنقد الإسلام ونبيه بكل ما لا يجوز النقد به ثم تكون مسيحيًا موحدًا، مع أن مصدر وحيهما واحد هو اللاوعي كما تزعم، أما أن اللاوعي اليهودي والمسيحي أفضل من اللاوعي الإسلامي، أما إن اللاوعي اليهودي والمسيحي - وهو لاوعي - مصدره إلهي تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.


(١) لخص "وات" رأى يونغ: وهو أن ما ينبثق من اللاوعى إلى الوعى في رؤى الأفراد المنامية وأحلام اليقظة وكذلك في الأساطير الدينية لمجتمع كامل تأتى من "اللبيدو" أو طاقة الحياة وهو ينبوع المناشط في كل الناس. في الشخص الواحد يكون"اللبيدو" في أحد أجزائه شيئاً خاصاً وفي الجزء الآخر شيئاً مشتركاً بينه وبين أفراد جماعته وهو"اللاوعى المشترك" وتعزى له الأساطير الدينية. ولتطبيق النظرية على الوحى المحمدى يقول "وات" إن هذا يعنى أن كلمات الوحى كانت لها صلة بمحمد قبل أن يصير واعياً لها"ويمكن أن نقول أن الملك وضع الكلمات في ناحية من نواحى الوجود المحمدى يسمى اللاوعى وأنها برزت من هنا إلى وعيه" انظر شيخ ادريس: مناهج المستشرقين (١/ ٢٣٤)، وكذلك Islamic Revlation, p. ١٠٩ وكذلك Muhammad Prophet and Statesman, p. ٢٣٨ .
(٢) محمد النبي ورجل الدولة (٢٣٨).

<<  <   >  >>