للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين أشخاص معلومين، وانتهت إلى نتيجة محسوسة، وعاقبة واضحة، ونزل القرآن الكريم ساعتها ليعلق التعليق الإلهي عليها، وكان اللاوعي من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا شك فارغًا عما يحدث، فضلاً عما سيكون، أين سمع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصة بدر، ثم خزنها جعلها في داخله ثم أذاعها وحيًا خارجيًا عندما جاء وقتها. هل كانت من قصص الأقدمين من اليهود والنصارى وغيرهم، وسمعها من القصاص، ثم ذكرها وحيًا ونترك لصاحب العقل التعليق!

- ويبدو أن "وات" علم أن كلامه لا يخفى على أحد تناقضه، فبادر مخالفًا كل القواعد العلمية والبحثية بقطع الطريق على مناقشة بأن كلامه متناقض وهو ما يسميه أهل العلم المصادرة على المطلوب، وكأنه يقول ستقول هذا تناقض، فيقول لا: إذ يمكن أن نعتقد بدون تناقض أن التناقض ليس بتناقض! هذا هو البحث العلمي.

أما قوله بنصه وقد أشرنا إليه من قبل: "فالقول بأن محمدًا كان صادقًا لا يعني أن القرآن وحي حق، وأنه من صنع الله، إذ يمكن أن نعتقد بدون تناقض أن محمدًا كان مقتنعًا بالوحي ينزل عليه من الله، وأن نؤمن في نفس الوقت بأنه كان مخطئًا". (١)

ولإظهار التناقض الذي لا مفر منه مهما حاول "وات" أن يرده في صدره بكلتا يديه لا بعقله لثقله الجاثم على ذهنه، فلا يدعه يسلم بالعلم والإنصاف نقول:

قلت: "على المؤرخ أن يعترف بصدق محمد المطلق في اعتقاده بأن الوحي كان يأتيه من الخارج". (٢)

فهل هنا تناقض أكثر من ذلك أن نقول إنه صادق، ولا تناقض في اعتقاد أنه كان مخطئًا، سلمنا جدلاً لأننا لو عكسنا الفرض فقلنا أن محمدًا حاشا له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان كاذبًا كانت


(١) محمد في المدينة (٣٢٥).
(٢) Ipid, p١٢٨.

<<  <   >  >>