للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم (١)

وللتطهير إطلاق حقيقي وهو التنظيف وإزالة النجاسات وإطلاق مجازي وهو التزكية قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣)} [الأحزاب: ٣٣].

والمعنيان صالحان في الآية فتحمل عليهما معاً فتحصل أربعةُ معان لأنه مأمور بالطهارة الحقيقية لثيابه إبطالاً لما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الاكتراث بذلك. وقد وردت أحاديث في ذلك يقوّي بعضها بعضاً وأقواها مَا رواه الترمذي «إِن الله نظيف يحب النظافة». وقال: هو غريب (٢).

والطهارة لجسده بالأولى.

{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)} ..

{وَالرُّجْزَ}: يقال بكسر الراء وضمها وهما لغتان فيه والمعنى واحد عند جمهور أهل اللغة. وقال أبو العالية والربيع والكسائي: الرّجز بالكسر العذاب والنجاسة والمعصية، وبالضم الوثن (٣). ويحمل الرجز هنا على ما يشمل الأوثان وغيرها من أكل الميتة والدم.

وتقديم {وَالرُّجْزَ} على فعل {فَاهْجُرْ} للاهتمام في مهيع الأمر بتركه.

والهجر: ترك المخالطة وعدم الاقتراب من الشيء. والهجر هنا كناية عن ترك التلبس بالأحوال الخاصة بأنواع الرجز لكل نوع بما يناسبه في عرف الناس.


(١) عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسى، من أشهر فرسان العرب في الجاهلية، وأحسنهم شيمةً وأعزهم نفساً. والبيت من معلقته.
(٢) ابن عاشور التحرير والتنوير، أبا السعود، ارشاد العقل السليم (٥/ ٧٨٧).
(٣) أبو حبان البحر المتوسط، ابن عاشور، التحرير والتنوير (٢٩/ ٢٩٨).

<<  <   >  >>