للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقبل مناقشة "وات" فيما سبق نذكر بأنه بنى كتبه وكلا مه على أن الدعوة الإسلامية لا علاقة لها بالوحى، ولا تعلق لها بالسماء، وهذا ما يدلك عليه نكل ما أوتى حتى يستطيع بنو دينه وجلدته أن يكونوا الرأى اللاهوتى في سيدنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودينه، إذ هو دافعه الذى نص عليه في بداية كتابه كما نوهنا أكثر من مرة ليبنى عندهم الخلفية الصلبة في رد الاسلام، وذلك الذى حدث واقعا، وبناء على ذلك رأينا اضطرابه في بواعث الدعوة، إذ لو كانت الإلهيه عنده كما هي في الحقيقة لم نحتج منه أو من غيره إلى ذكر بواعثها، لأنها تكون التنزيل الإلهى الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في كل ما يتعلق بها.

ولتوضيح الرد على كلام " وات " نقول:

أولا: إذا كان الباعث ماديا جاء ردا على مرض العصر من انتقال العرب من حياة البداوة إلى الاقتصاد الحضرى، فما أبعد هذا الكلام وأجدره بالإهمال لعدة أمور:

الأمر الأول: لأن العرب لم ينتقلوا إلى الحياة الحضرية متطورين كما يزعم "وات" من الحياة البداوية حين جاءهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالرسالة، بل ما زالوا إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى والبداوة هي الغالبة عليهم.

الأمر الثاني: ماهى آثار أو مظاهر أو مكونات وأفكار هذا الباعث المادى الذى دعاهم إليه، وما الذى ظهر عليهم وغلب على تصرفاتهم من اتباعهم لهذا الباعث، لنقول تلك اراء ومبادئ هذا الباعث قد ظهرت عليهم، بل على واحد منهم. هذا الكلام لا أصل له ولا حقيقة، ولا له ذرة قد تحققت في ذوات الأشخاص أو على الأرض آنئذ.

الأمر الثالث: ما هي أعراض مرض العصر الذى يلصقه "وات" في القرن العشرين بالقرن السابع ويسقطه عليه إسقاطا، إنه لم يعرف أهل ذلك القرن، ومن بعدهم هذا اللفظ أصلا فضلا عما يعنيه، فكيف نصمهم به ونفرضه عليهم، ثم نحاكمهم باتهامهم به. حيث

<<  <   >  >>