لم يذكره مؤرخ واحد منهم إلى يومنا هذا فيما وقع تحت أيدينا من مراجع ومصادر.
ثانيا: إذا كان الباعث ماديا فأين ذلك في القرآن الكريم الذى دعا إليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وأين ذلك في سيرته المشرفة وسنته المطهرة، ثم قد اتفق المفسرون والمحدثون والعلماء كافة على خلاف ذلك الأمر المادي، حيث جاءت الآيات الكريمات به، والأحاديث الشريفة بتحديد النظرة الصحيحة عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للدنيا كلها لا للبواعث المادية فقط، بكونها معبراً للآخرة وأنها زائلة وأن العمل والسعي يكون لما عند الله إلى آخر ذلك، وقد حقق ذلك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالتطبيقات الحية من كونه نبيًا عبدًا، لا نبيًا ملكًا.
ثالثًا: هاجر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهاجر الصحابة المكرمون يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله، ويؤثرهم أهل المدينة على أنفسهم مع ما بهم من خصاصة هل كل ذلك من الباعث المادي، وقد تركوا أرضهم وديارهم وأموالهم وأزواجهم وأولادهم لله ورسوله؟ إنه من أعجب المصائب التي حلت بالبحث العلمي.
والردود كثيرة على "وات" ومقصدنا الأصلي السيرة.
ثم إن كان العامل الديني وهو كما قرره "وات" خليط من النصرانية واليهودية لا علاقة بالله لتصنع المشروع العربي هو الباعث فما باله يتطور في فكر "وات" ليصبح عاملاً ماديًا إذ كيف يلتقيان، ولم يذكر العامل المادي الاقتصادي؟
أما التناقض الثالث وهو إنه ديني جاء لمعالجة الجوانب الاقتصادية ..
فنعم على المفهوم الصحيح أن دين الله جاء لتحقيق هداية الناس وأسباب نجاتهم في الدنيا والآخرة وبالتالي لا ينفك أن يكون مصلحًا باتباعهم لتعاليم السماء لكل جوانب حيواتهم، واستقامتها على النهج الأرشد في كل ما يخص البشر.