يعلم ما يقول كاملاً واضحًا، يبلغه البلاغ المبين؛ الذي لا إبانة بعده، ولا وضوح مثله، وهو السياسي الحكيم كما تدعي في سياق الموضوع.
كيف انقلب بك الحال إذن في نظرتك للرسالة والوحي والرسول إلى هذا الحد من تهافت البحث وتناقضه وتكذيب اللاحق من قولك للسابق.
ثم تزيدنا إيمانًا بما نقول فيك، عندما تملأنا يقينًا بذكرك إن قيام الأمة على أساس ديني كان له مكان الصدارة بحلول الهجرة، فعلى أي أساس كان يدعو القبائل وأفرادها كما زعمت، وبماذا ردوا قوله، وعلى أي شيء بايعه أهل المدينة (يثرب) فهو من أول يوم - كما سنذكر شيئًا عن المسلمين الأوائل - كان يدعوهم للدين لتوحيد الرب لنبذ عبادة الأوثان للصلاة والصلة والعفاف وهذا من تكاليف الدين إلى آخره لم يتضح له ما كان يتراءى في القرآن الكريم إلا بحلول الهجرة، ترى لو لم يهاجر، فما عسى أن يكون عليه الموقف؟ وما موقف من آمنوا مبكرين برسالته قبل الهجرة بزمن طويل، ألم يبلغهم بكل وضوح وبيان أن الدعوة عامة شاملة من أول يوم ليدعوا أقوامهم كذلك إليها، وبكل وضوح وثقة.
ثم نورد الآن بعض ما تلاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على العالم كافة من آيات الذكر الحكيم وأحاديثه النبوية المشرفة التي تدل على عالمية الدعوة من أول أيامها ردًا على ما سبق قبل أن نناقش "وات" في رسائل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للملوك والحكام يدعوهم إلى الدخول في الإسلام لا لشيء آخر.