للبشارة والإنذار والرحمة والذكر والذكرى، وكل ذلك متوائم مع دعوة مكة ومن حولها وأهل الكتاب والناس كافة، وجميع العالمين، وأنه النبي الخاتم به ختم النبيون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ويدل في ذات الوقت على التدرج المناسب لقبول الدعوة وانتشارها، وأن ذلك إنما كان عن أمر الله به في أمره بما سبق كله، وما يبرهن ذلك إلا على أن هذه دعوة الله تعالى وهدايته التي أسداها إلى جميع خلقه، فكيف تكون ناقصة أو غير عامة، سواء في تفصيلاتها أو في كلياتها العامة الصالحة لكل زمان ومكان.
وآخر ذرائع "وات" التي تذرع بها ليمنع عالمية الدعوة، هي رسائل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الحكام والملوك، ما برح "وات" أن يكون كعهدنا به كما هو ينكر الروايات الصحيحة، وينشر الضعيفة الشاذة، ويخترع تاريخًا لم يكن، ويوجه له دوافع وبواعث ما كانت ولن تكون، وهذا ما حدث لرسائل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للملوك وحكام الدنيا آنئذ، فهو ينكر الرسائل أولاً، وهي ثابتة في مصادره التي لا يملك سواها، فإن قبلها فهي مليئة بالتناقضات، أو قد تبدلت هذه الرسائل قبل وصولها لمحطتها، وإلا فهي سياسية ألمح فيها محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى معتقداته الدينية مجرد تلميح وسياستها أن محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقترح عقد محالفة حياد، أو ربما أراد منع المكيين من الحصول على المساعدة الخارجية، لأنه لا يمكن أن يدعو هؤلاء الحكام الأقوياء لأن يكونوا من أتباعه – أي بالدخول في الإسلام – خاصة وهو السياسي الحكيم – عليه أفضل الصلاة والسلام.
ونناقشه سريعًا – ونحن حزانى ندامى – أن مثل هذا يناقش.
ونبادره القول بأن هؤلاء الحكام الأقوياء الذين لا يمكن لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يدعوهم إلى الإسلام هزمهم أتباع سيدنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شر هزيمة في التاريخ من أوله إلى آخره، وكما يعلم القاصي والداني، لم يهزمهم بسياسة ولا عدد ولا عدة ولكن كما هو ثابت عند "وات"