للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواحدة الدعوة إلى الله تعالى مخاطبًا إياهم من منطلق ديني محض، وهو قوله تعالى كما ذكرنا {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧].

ونورد في نهاية هذا المبحث شيئًا مما ورد عن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يردده على مسامع الناس كافة إلى يوم القيامة بدون تردد، مبينًا لهم البيان المبين، بأنه أُرسل إلى جميع الثقلين فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "بعثت إلى الأحمر والأسود" (١)، وحديث: "بعثت إلى الناس كافة" (٢)، وحديث: "أرسلت إلى الناس كافة وبي ختم النبيون" (٣)، وحديث: "كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة" (٤).

وهذه الأحاديث تبين عالمية الرسالة، وهذه الأحاديث تدحض كلام المخالفين، بحيث يكون تصديق الواقع لها من أكبر دليل على صحة نسبتها إلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع صدق المنبني عليها من كون هذه الرسالة عالمية شاملة عامة، ودليل على معجزة النبوة وصحتها في وقت لم يكن لرسول الله أن يقول هذا القول إلا وهو مؤيد من السماء.

بدأت الإسلامية سراً - كما ذكر من ذكر من أهل السير - يعنى يدعو الناس - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خفية إلى التوحيد، ونبذ مظاهر الشرك. (٥)

وكان المجتمع المكى - شأن سائر الجزيرة العربية - يعتمد في تنظيمه على القبيلة، فهى الوحدة الاجتماعية، ولما كانت مكة تخضع لقبيلة واحدة هي قريش


(١) أحمد بن حنبل، "المسند" ()، الطبعة اليمنية، والهيثمي، "مجمع الزوائد" (٦٥/ ٦، ٥٨/ ٨)، التقي الهندي، "كنز العمال" (٣٢٠٩٤)، وابن عبد البر، "التمهيد" (٢١٨/ ٥).
(٢) أحمد بن حنبل، "المسند" (٣٠٤/ ٣)، ومجمع الزوائد (٢٥٩، ٢٦١/ ٨)، والبيهقي، "السنن الكبرى" (٤٣٣/ ٢).
(٣) أحمد بن حنبل، "المسند" (٢٤٨، ٢٥٦/ ٥)، البيهقي، "السنن الكبرى" (٤٣٣/ ٢)، وابن سعد، "الطبقات" ().
(٤) أحمد بن حنبل، "المسند" (٣٠٤/ ٣)، ابن أبي شيبة، "المصنف" (٤٣٢/ ١)، دار الفكر.
(٥) د. مهدى رزق الله، السيرة النبوية (١٥٦).

<<  <   >  >>