بفروعها (عشائرها) فقد بدت هذه العشائر ككيانات خاصة لكنها متحالفة داخل الكيان العام لقريش، وكان المتوقع أن ينتشر الإسلام في بنى هاشم - قبيلة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا أن نصيب بنى هاشم لم يكن أوفر حظاً، بل كان منه أقرباء شديد والعداوة للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والإسلام كأبى لهب وأبى سفيان بن الحارث وغيرهم، وكان منهم المتعاطفون مع الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر من سواهم وإن لم يحملهم هذا التعاطف على الإسلام، حيث مات أكبر مناصرى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الكفر، وهو عمه أبو طالب.
إن الإسلام قد انتشر بصورة متوازنة بين عشائر قريش، فلم يكن لأى منها ثقل كبير في الدعوة، وهذا ما شهد به الواقع، وهو مخالف لطبيعة الحياة القبلية آنذاك.
وإذا كان هذا الوضع قد أفقد الإسلام الاستفادة الكاملة من التكوين القبلى لنشر الدعوة وحمايتها، فإن هذه الدعوة لم تؤلب عليه العشائر بحجة تحقق مصالح عشيرة على حساب يقية العشائر.
ولعل هذا التوازن أعان على انتشار الإسلام في العشائر القرشية دون تحفظات متصلة بالعصبية، فأبو بكر الصديق من «تيم»، وعثمان بن عفان من «بنى أمية»، والزبير بن العوام من «بنى أسد»، ومصعب بن عمير من «بنى عبد الدار»، وعلى بن أبى طالب من «بنى هاشم»، وعمر بن الخطاب من «بنى عدى»، وعبد الرحمن بن عوف من «بنى زهرة»، وعثمان بن مظعون من «بنى جمح»، بل إن عدداً ممن أسلموا في تلك الفترة لم يكونوا من قريش، فعبد الله بن مسعود هذلى، وعتبة بن غزوان من مازن، وعبد الله بن قيس من الأشعريين، وعمار بن ياسر من مذحج، وزيد بن حارثة من كلب، والطفيل بن عمرو من دوس، وأبو ذر من غفار، وعمرو بن عبسة من سُليم، وعامر بن ربيعة من عنز بن وائل،