إن تطبيق المصطلحات الجديدة، وفي بيئاتها الجديدة، والتى هي مختلفة عن البيئات القديمة وعن البيئات العربية بالذات، لهو بحث فيما لا علاقة له بالبحث، إنه إمساك بأطراف غريبة أجنبية عن البحث تؤدى إلى نتيجة لا نسب بينها وبين ما بحثت فيه، وليست النتيجة في النهاية إلا من عمل الباحث وفي عقله، وما يريد ويهوى لا بما يقوده إليه البحث هذا إن اعتبرنا أن البحث في هذه الطريق لا علاقة بالأبحاث أصلاً.
ذلكم «وات»، وليته جعل إسلام الطبقات الدنيا هي صاحبة المشكلة، فاصطدم بأن وجد السابقين ليسوا كلهم من الفقراء الذين لهم مآرب في مصارعة الأغنياء للحصول على فرص متكافئة.
ومن ثم ركز صراعه وهو عجيب بين الطبقة الوسطى والتى أعلى منها، وهو على حد علمنا كما بينه أصحابه المحدثون لا علاقة له بالصراع الطبقى الذى ينشأ ونشأ على بحث الغربيين في الصراع في أوربا. بعد هذه المقدمة نرجع إلى كلامه "وات" نفسه لنناقشه حيث يقول: إن الإسلام لم يستمد قوته من رجال الطبقة السفلى من السلم الاجتماعى، بل من أولئك الذين كانوا في الطبقة الوسطى، وأدركوا الفارق بينهم وبين أصحاب الامتيازات في الذروة، فأخذوا يقنعون أنفسهم بأنهم أقل امتيازاً منهم، فنشأ صراع ليس بين المالكين والمعوزين بل بين المالكين والذين أقل منهم.
وهنا نرى"وات"، يحدثنا عن متناقضات، وأمور لم تحدث، وواقع لم نسمع به مخالف على أقل تقدير لما نقله أصحاب السيرة، فضلاً عن مخالفته لدعوة الإسلام ومبادئه أما الأمور التى لم تحدث فهى أن هذه الطبقة المتوسطة أخذت تفنع نفسها بأنها أقل امتيازاً من الأعلى حتى نشأ الصراع، ولم يخبرنا "وات" كعادته بمصدر واحد استقى منه هذه المعلومات، التى لا شك في انتشارها إذ هي مبادئ الصراع وأفكاره.